استطاع الفنان القدير أيمن زيدان عبر تجربته السينمائية الثالثة بإخراج الأفلام الروائية الطويلة مع المؤسسة العامة للسينما إثبات خصوصية رؤيته الفنية ومعالجته للقضايا الإنسانية بأسلوب متفرد وخاص به يناقش من خلالهم منعكسات الحرب وآثارها السلبية على الإنسان السوري ويحتفي بالأمل رغم الحرب ويدعو إلى التشبث بالحلم.
واستطاع المخرج زيدان أن يسبر أغوار شخصيات فيلمه بطريقة سينمائية عبر الصورة وجمالياتها وقدرتها على التعبير إلى جانب إدارته المحكمة لأداء ممثليه مما جعل الشريط وثيقة فنية تحكي تصدعات الانسان السوري جراء الحرب.
إبداع الفنان أيمن زيدان جاء في هذه التجربة السينمائية لا حدود لها فجاء مخرجا وكاتبا وممثلا تميز بأداء الشخصية الرئيسية له عبر إبراز قسوتها وعواطفها مستخدما اداوته كممثل قدير للتعبير عن مكنونات الشخصية وتاريخها وانفعالاتها ومآلات تفكيرها ناهيك عن استخدامه لأدواته الإخراجية سواء المعالجة البصرية او إدارة الممثل وغيرها.
و يحسب للمخرج زيدان حسن إسناد الأدوار لمجموعة من الممثلين المميزين الذين قدموا أداء تمثيليا سينمائيا عال خاصة شخصية سالي الابنة التي لعبت دورها الفنانة الشابة سالي أحمد.
ويعود المخرج زيدان من خلال فيلمه الى عوالم البيئة الريفية البسيطة في الساحل السوري لتكون مكان أحداث التصوير والذي كان موفقا بإبراز جماليات هذه البيئة برؤية سينمائية خاصة وتناول تفاصيلها بما يخدم الحكاية.
الفيلم يتحدث على مدى ساعتين من الزمن عن رجل أراد أن يستعيد مكانته الاجتماعية بعد أن أحيل إلى التقاعد وواجه عبر ممارساته السابقة مع عائلته تحديات كثيرة أبرزها أنه في ليلة زواج ابنته الصغرى وأقربهن إلى قلبه تحدث الكارثة في مجتمعه الضيق حين تهرب ابنته يوم زفافها القسري، وتتسبب له بفضيحة تهز كيانه فيقرر الانتقام وحين يتعرف إلى مكان هروبها يتوجه لقتلها، ولكن المفاجأة أنه يصل ليجدها مقتولة مع الرجل الذي هربت إليه، ورغم ذلك ورغبة منه في استعادة مكانته التي سبق أن خسرها يسلم نفسه ويعترف بجريمة لم يرتكبها ليدفع ثمن كل ما ارتكبه من قسوة وجبروت.
الفيلم كان له حضور لافت في المشهد الثقافي والسينمائي في المملكة العربية السعودية لكونه أول فيلم سوري في تاريخ السينما السورية يقدم للجمهور السعودي بعروض تجارية وحقق تفاعلاً مثمراً مع شرائح ثقافية مختلفة.
أيام الرصاص في السعودية أتى بالمشاركة مع مؤسسة رواد ميديا للترويج بهدف تسويق السينما السورية في المملكة وتعريف الجمهور السعودي بالسينما السورية وحقق حضوراً طيباً في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط.
ونستطيع القول أن السينما السورية قدمت خلال سنوات الحرب العديد من الأفلام التي لامست الواقع وجسدت أوجاع السوريين بطرق ومواضيع مختلفة إلا أنهم اشتركوا جميعا بان كل ما حل بنا من آلام و أوجاع ودمار وفقدان كان سببه هذه الحرب وهذا ما حاول إيصاله الفنان الشامل أيمن زيدان من خلال أفلامه الروائية الثلاثة الطويلة “أمينة” و”غيوم داكنة” و”أيام الرصاص” التي قام بإخراجها عاكسا من خلالها آثار هذه الحرب ومنعكساتها على الواقع والإنسان السوري وتفاصيلها بحكبة درامية معاصرة لتكون هذه الافلام خطوة اضافية في سجل حافل بالنجاحات المتعددة.