هوى الشام| جريمة بشعة شهدتها مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية (شرق العاصمة المصرية القاهرة) قامت فيها أم حديثة الإنجاب بقتل رضيعها صاحب الثلاثة أشهر بـ”ريموت” التليفزيون، دون سبب مفهوم.
وألقت الشرطة القبض على الأم بعد ساعات من تواريها. وتعكف النيابة حاليًا على دراسة القضية لمعرفة دوافعها، والتي كان لأطباء علم النفس رأي قد يغير مسار التحقيقات!
بحسب الكلية الملكية للأطباء النفسيين، فإنه في حالات نادرة يمكن للأم المصابة باكتئاب ما بعد الولادة إيذاء رضيعها، على اعتبار أن “النساء المصابات بالاكتئاب يصيبهن القلق من إمكانية حدوث ذلك”. ونصحت الأمهات بالتحدث عن هذه المشاعر مع الزائرة الصحيّة أو مع الطبيب.
يقول استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” إن هذه الحالة يمكن إدراجها ضمن ما يعرف باكتئاب ما بعد الولادة، وهو مرض شائع جدًا يصيب نحو 80 بالمئة من السيدات بعد الولادة، ويسهل علاجه، لكن عند عدم المتابعة وسرعة التشخيص من الممكن أن يسبب أضرارًا كبيرة تصل للإيذاء بالأم والجنين ومن حولها أيضًا!
مشاعر سلبية
يضيف د.فرويز: “اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة تسبب للأم أفكارًا ومشاعر سلبية حادة وطويلة الأمد، تبدأ بعد الولادة مباشرة، وفي حالات أخرى قد تبدأ من آخر ثلاث شهور في الحمل، وليس له مدة محددة، فمن الممكن أن يستمر أول ثلاثة أشهر فقط بعد الإنجاب، ويمكن أن يستمر حتى ثلاثة أعوام، حسب سرعة التشخيص واللجوء للطبيب المختص”.
ويتابع استشاري الطب النفسي: “بالنسبة للأم التي قتلت ابنها بهذه الطريقة البشعة لا يمكن الجزم بأنها مصابة باكتئاب ما بعد الولادة دون العرض على طبيب مختص وإخضاعها للفحوصات اللازمة التي تؤكد أو تنفي إصابتها، لكن هذه ليست الحالة الأولى من نوعها التي يحدث فيها مثل هذا الأمر من أمهات عقب الولادة، فهناك العديد من الحالات المسجلة لأمهات قتلن أطفالهن الرضع، بل وقتلن أنفسهن أيضًا، وذلك يرجع لطبيعة مرحلة الاكتئاب التي وصلن إليها، والعوامل المحيطة التي قد تخرجهن من حالة الاكتئاب أو تزيد من حدثه!”
ويضيف أن اكتئاب ما بعد الولادة ينقسم إلى قسمين (نفسي ووجداني)، وهنا تقتل الطفل ومن ثم نفسها، لكن في حالة هذه الأم يصنف بأنه اكتئاب نفسي وضغط عصبي ونفسي شديد ولم يصل للوجداني، لذلك قتلت الطفل وهربت نتيجة للخوف بعد أن أدركت هول ما فعلت.
وأردف قائلا: “في هذه الحالة هي مسؤولة عن تصرفاتها وتعاقب عن جريمتها لكن من المتوقع أن تحصل على الحد الأدنى من العقاب مراعاة لحالتها النفسية وما مرت به، ويجب أن تكون الأم ومن حولها على علم بالمرض وكيفية تجاوز هذه الفترة بالدعم النفسي، وعدم وقف العلاج عند الشعور بالتحسن لأن ذلك قد يؤدي إلى انتكاسات”.
الأم المذكورة بررت فعتلها بقولها إنها لم تكن تقصد قتل طفلها، وأنها كانت تعاني من حالة ملل، وكانت على خلاف مع زوجها “ولا تطيقه” على حد قولها في التحقيقات.
الجهل بحقيقة المرض
أما استشاري الصحة النفسية الدكتور وليد هندي، فيؤكد في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه لا يوجد دافع قوي حتى الآن لما فعلته هذه الأم غير احتمال أن تكون مصابة باكتئاب شديد بعد الولادة، ومن الممكن أنها كانت تعاني من الأعراض، لكن بسبب الجهل حول المرض لم يهتم أحد بالحالة حتى تفاقمت!
وتابع د.هندي أن لاكتئاب ما بعد الولادة عديداً من الأعراض التي يجب عند توافرها سرعة اللجوء إلى طبيب مختص؛ ومنها: التقلبات المزاجية الحادة، وصعوبة الارتباط بالطفل وقضاء الوقت معه، والابتعاد عن التجمعات، وفقدان الشهية أو تناول أكثر من المعتاد، كذلك الأرق أو النوم المستمر، وعدم القدرة على التركيز، والخوف المستمر من الفشل مع الطفل، وتردد فكرة الانتحار والتخلص من الطفل أو طرق لإيذاء الطفل.
دعم نفسي للأم
وأضاف: “كل هذه الأعراض عند توافرها نتأكد من أن الأم مصابة بالاكتئاب، وحتى الآن لم تؤكد الدراسات مسببات اكتئاب ما بعد الولادة، لكنه غالباً ما يكون حصيلة تغيرات جسدية وعاطفية منها التغيرات الهرمونية والحرمان من النوم وعدم المساعدة والدعم الكافي للأم”.
وختم د.هندي تصريحه مع موقع “سكاي نيوز عربية” بالحث على ضرورة تخصيص الأم وقتا كافيا لنفسها، وأن تلتزم بنمط حياة صحية ورياضية للتقليل من فرص الإصابة بالاكتئاب، وأن تكون لها نظرة مستقبلية مليئة بالأمل، بأن كل ما تعاني منه سيمر، وأن تحاول الاستمتاع بهذه الأوقات مع طفلها، وطلب المساعدة عند الحاجة من حولها.
وكانت دراسة علمية صادرة في جامعة أوكسفورد، قد خلصت في العام 2018 إلى أن “النساء اللاتي تستمر معاناتهن من اكتئاب ما بعد الولادة لعدة شهور يتعرضن لخطر الإصابة باكتئاب يلازمهن لسنوات، وقد يؤثر على أطفالهن”.
المصدر: سانا
(( تابعنا على الفيسبوك – تابعنا على تلغرام – تابعنا على انستغرام – تابعنا على تويتر ))