هوى الشام| كارثة وطنية بكل المقاييس ما زالت تعاني منها الجزائر متمثلة بالحرائق التي لم تهدأ لظاها منذ أيام والتي أتت على آلاف الدونمات من الأحراج والأراضي الزراعية فضلاً عن العشرات من الضحايا ومئات المصابين والبيوت المدمرة في مقابل جهود جبارة ما زالت تبذلها بإصرار أجهزة الطوارئ والجيش والمواطنون الجزائريون لمواجهة لهيب هذه الكارثة بشجاعة وهمة قل نظيرها بهدف تطويقها والتغلب عليها.

ومع مرور أربعة أيام من الجهود المتواصلة التي تبذلها السلطات الجزائرية ومواطنوها لإخماد الحرائق بدأت تباشير النجاح في تطويق النيران تأخذ منحى حاسماً حيث أكدت مصالح الحماية المدنية لولاية تبسة الجزائرية اليوم إخماد حريق غابة بوسكيكين في جبل الدكان ببلدية الماء الأبيض فيما تتواصل عمليات التبريد والحراسة الأمنية تفادياً لأي طارئ.
33 شاحنة إطفاء و280 عنصر إطفاء و100 جندي وعدداً من الشاحنات استنفروا لمحاصرة هذا الحريق الكبير قبل النجاح في إطفائه فيما تستمر جهود فرق الحماية المدنية الجزائرية بمؤازرة طائرات من الخارج بالعمل على إخماد 92 حريقاً يذكيها ارتفاع درجات الحرارة وتنتشر عبر 16 ولاية أكبرها 37 حريقاً في تيزي وزو و15 في ولاية الطارف و11 حريقاً في بجاية و8 حرائق في جيجل وأربعة في سوق أهراس.
فرق الإطفاء تصب جهودها أيضاً لإخماد عشرات الحرائق في شمال شرق البلاد وصولاً إلى الحدود مع تونس في مناطق تشهد درجات حرارة قياسية وصلت إلى أكثر من 50 درجة مئوية حيث يشارك 800 عنصر رجل و115 شاحنة في إخماد هذه الحرائق بمساندة مروحيتين من المجموعة الجوية التابعة للحماية المدنية ومروحيات تابعة للجيش.
ورغم أن هذه الحرائق غير المسبوقة أودت حتى الآن بحياة 69 شخصاً بينهم 28 عسكرياً ودفعت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إعلان الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام إلا أن ما يلفت فيها المشاركة الفاعلة لجميع فئات وشرائح المجتمع الجزائري جنباً إلى جنب في إخمادها خاصة الجيش حيث أن نسبة كبيرة من الضحايا هم من بين العسكريين الذين دفعوا حياتهم ثمناً لمواجهتها بكل شجاعة.
ومن أكثر الولايات الجزائرية تضرراً بهذه الحرائق ولاية تيزي وزو الواقعة على سلسلة جبال الأطلس والمغطاة بالغابات حيث أتت النيران على مساحات شاسعة من الغابات وتمكن أفراد الحماية المدنية وقوات الجيش ومتطوعون من إخمادها وبدأ سكان القرى الواقعة في المناطق العودة إلى بيوتهم التي فروا منها.
وإضافة إلى ولاية تيزي وزو انتشرت حرائق كبيرة على مساحة واسعة من البلاد شملت ولايات الطارف وجيجل وبجاية وسكيكدة وبومرداس والمدية والبليدة وسطيف وعنابة والبويرة إضافة إلى ولايات قسنطينة وقالمة وتبسة وسوق أهراس وتيبازة.
وتؤكد السلطات أن أياد إجرامية تقف وراء افتعال هذه الحرائق متوعدة بملاحقتهم وتطبيق حكم القانون بحقهم ومما زاد في انتشار الحرائق هو الطقس السائد في البلاد حالياً حيث عمت البلاد موجة حرارة عالية رافقتها رياح جافة أدت إلى انتشار الحرائق في مناطق جبلية معروفة بانتشار الغابات فيها.
وفيما لفت رئيس الوزراء الجزائري أيمن عبد الرحمن إلى أن السلطات الأمنية والقضائية لديها “أدلة علمية بأن الحرائق إجرامية” أشار إلى أن جرد الخسائر يبدأ من اليوم دون انتظار إخماد كل الحرائق واعداً بتخصيص ميزانية خاصة لتعويض الضحايا مبيناً في الوقت نفسه عن استمرار جهود إخماد ما تبقى وإجراء حكومته اتصالات مع دول أجنبية لاستئجار طائرات للمساعدة بإخمادها.
النائب العام لدى مجلس قضاء تيزى وزو أكد ما أشار إليه رئيس الوزراء مبيناً أن ما يدل على  أن هذه الحرائق تعد “فعلاً إجرامياً” هو اشتعال النيران يوم الـ 9 من آب الجاري في آن واحد وفي نقاط غابية مختلفة وحيز جغرافي مختلف بغض النظر عن الولايات الأخرى وفي هذا الإطار كشف وإلى المدية جهيد موس عن إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص يشتبه بتورطهم في حرق إحدى الغابات ببلدية الحوضان.
وفى مواجهة هذه الكارثة الوطنية تواصل الحكومة الجزائرية جهودها الحثيثة للسيطرة على الحرائق ومعالجة أضرارها وتداعياتها حيث أعطى الرئيس عبد المجيد تبون تعليماته لاتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة على الوضع الذي خلفته هذه الحرائق لافتاً إلى أن الشعب الجزائري وكما “انتصر في محن سابقة سينتصر في هذه المحنة”.
ورغم كل التبعات والآثار التي ستتركها هذه الحرائق على الواقع الجزائري إلا أن التأكيدات الحكومية والشعبية تظهر أنه سيتم تجاوز هذه المحنة مجدداً والعمل على التغلب على نتائجها السلبية.
المصدر: سانا

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))