خاص هوى الشام من أميرة الكردي | لطالما كان الصيد مهنة الرجل الصياد في غابر الأزمان وذلك من أجل تأمين قوت يومه وعائلته، فلم يكن من سبيل آخر للعيش سوى الصيد، صيد البر والأسماك إن وُجد النهر وصيد الطيور، فهو يعيش في الكهوف ويلبس جلود الحيوانات بعد صيدها وسلخها.
امتهن الرجل صيد الحيوانات بعد مطاردتها بحرفية عالية فمنها ماكان سهلًا ومنها الصعب وذلك بسبب سرعتها مثل الغزال وغيره من الحيوانات لذلك ترى الصياد سريعاً في الركض، حاد النظر، قوي البنية، يشبه بعض الحيوانات في هذا ليتلاءم مع طبيعة الحياة وحاجته للأكل وكلما كانت الطريدة صعبة المنال كلما سعى الصياد للنيل منها و لبذل جهد إضافي ليشعر بزهو الانتصار.
الرجل الصياد – حياة غريزية
سأركز هنا على موضوع صيد الرجل في ذلك العصر وأستثني المرأة لأفرد لها موضوعاً خاصاً لاحقاً، فهي جزء لا يتجزأ من حياة الرجل سابقاً والآن كان الرجل وكما ذكرت يعتمد على مهنة الصيد الغريزية من أجل استمرار الحياة وهي غريزة طبيعية لم تشذبها الطبيعة كالجنس تماما.
عاش رجل الكهوف حياته مسؤولًا عن عائلة تكونت من أفراد لا يعلم عنهم سوى أنه كان يفرّغ شهوته الغريزية في وعاء امرأة لتنجب أطفالًا يكبرون و يفعلون مايفعل آباؤهم.
هكذا استمرت حياتهم، صيد ومطاردة وبحث وكهوف وشهوة، ونار باحتكاك الأحجار للطبخ تارة وللتدفئة من برد الشتاء تارةً أخرى، الشتاء الذي لا يعلمون له اسمًا سوى تعاقب سنوات.
الإنسان البدائي أيضا الذي جاور الأنهار أكل من ثمار الأرض وبذورها بالإضافة إلى الصيد ، وهكذا استأنس المكان واستقر فيه وحاول الزراعة من بذور الأرض التي كانت تتكاثر بفعل الرياح والمطر والماء وتلاحقت السنون وتلاقحت النساء، رويداً رويداً مر الزمن بطيئاً، إلى أن اندثرت حياة وأتت حياة أخرى أكثر تشذيباً، وهذه طبيعة الحياة فهي لا تنتظر أحدا.
هل مازلنا نعيش العصر الحجري بذات الفكر؟
بعد تطور الإنسان وفي مراحله المختلفة، تعلم الإنسان اللغة التي نتكلم بها الآن بعد آلاف السنين من الاحتمالات والعيش بمفردهم أو مجتمعين اعتمد بدايةً على الرسوم والدلائل والنجوم للتواصل، ثم دخل أغلب الناس بعد تطور الإنسان ومروره بآلاف الحيوات المدرسة ، فتعلموا وتهذبت ملابسهم وشكلهم العام قليلًا، ولكن لا أعتقد بأن الجميع تهذب أخلاقياً فالتاريخ يكرر نفسه ولكن بشكل مقنَّع مع بعض التحديثات.
وبسقوط الكثير من القيم والمبادئ والأسباب كثيرة، أعتقد أن أهمها الحاجة بمفهومها الفضفاض، فالحاجة أم الذل وأبيها وأم سقوط الإنسان في وحل الغرائز.
تزوج الرجل والمرأة وأغلبهم زواجا تقليديا بمباركة الأهل والمعارف وأنجبوا أطفالًا، اقتصرت فيها مسؤولية الرجل على تأمين مستلزمات العائلة من أكل وشرب وفواتير وهكذا تحوّل إلى آلة.
ومرت السنون بطيئة على هذا الحال ولكنه بدأ يشعر بالملل والتكرار من نفس الواجبات اليومية ونفس مشاكل الأولاد والحياة فصار يفكر في علاقات أخرى ليشعر بوجوده وأهميته وليثبت لنفسه ولأصدقائه الذين على نفس شاكلته أنه مرغوب من النساء وأنه مازال فحلًا، فهاهو يستعرض على أقرانه بطولاته في جعل النساء يقعن في غرامه.
لا يوفر زميلة له في العمل أو جارة أو أياً يكن من قريباته للتقرب منها بأي شكل يراه مناسبا وحسب المتاح، فغريزة الصياد مازالت متواجدة وتخرج حين الحاجة لها، ولكنها تحولت من صيد الحيوانات بدافع استمرار الحياة إلى صيد النساء لدوافع أخرى، لا فرق ابداً، فهو صياد وهي طريدة.
الأسباب التي جعلت الرجل الصياد صياداً
ليس كل الرجال سواسية، لكني هنا أكتب عن فئة محددة وغريزة حيوانية، فالصيد كلمة تطلق على عدد غير محدد من الطرائد فبعض الرجال يكتفون بامرأة واحدة وهنا بعض الأسباب لجعله يركض وراء طرائده :
الاضطهاد الأسري : فقد يكون التوبيخ من الأهل هو أحد الأسباب، وذلك حين يتواجد ضيوف بينهم نساء، فممنوع الدخول إلى مجلسهن أو مشاركتهن الحديث، وحين كبر الصياد الصغير، قتله الفضول ليعرف المرأة وليثبت لنفسه أنه ناجح في العلاقات.
تبجح بعض أصدقائه بعلاقاتهم مع النساء وكيف استطاعوا اقناعهن للدخول معهم في علاقة عاطفية.
-ربما يكون أحد المؤثرين في حياته الذين رآهم بعلاقة حميمية بالصدفة وهذا ماحصل مع أحمد ز عندما قال لي رأيت خيالهما وسمعت صوتهما صدفة من نافذة غرفة الرجل حين كنت في طريقي إليه بعد أن طلب مني توصيل حاجيات لهم.
– علاقة مرَّ بها في مراهقته الأولى وكانت بالنسبة له حبه الأول وتزوجت سواه، نوع من الانتقام من غيرها.
الوحدة والعزلة، بعضهم يتذاكى على أقرانه أو لديه مشكلة النرجسية مثلًا ولا يعلم عنها، فيبتعد عنه أصدقاؤه لهذا السبب، ولذات السبب يحاول التعويض بعلاقاته مع النساء ليثبت لنفسه أيضا أنه ذكي ومرغوب به.
الأسباب كثيرة أوردت بعضها فقط
الصياد وعصر الانترنت
قبل دخول ثورة الإنترنت إلى عالمنا العربي والذى لم نألفه من قبل كان الرجل مكتفيا بمن يراها ولاسبيل لملاحقة النساء إلا بهذه الطريقة فقد يفشل وقد ينجح ولكن لا ييأس فهو يحاول مجدداً.
أما الآن وفي عصر السوشيال ميديا وتعدد الخيارات، اختلفت الأمور وصار أكثر سهولة، فالنساء هنا متاحات باسم الصداقة يتابع من تعجبه في فضاء وهمي، بمشاعر وهمية يدرس فريسته جيدا لينقض عليها بتعليقاته الوهمية التي تدل على مقدار ثقافته وتحضره وحين تأمنه يدخل إلى الخاص ليبرهن لها أنه رجل نبيل ذو أخلاق حميدة، والغاية” كما يقول طبعا” صداقة بامرأة ذات فكر، فهو لايحب الفتيات السخيفات هكذا أجاب سامي حين سألته.
أساليب مختلفة لكن الهدف واحد، يستغل حاجتها للمال أو حاجتها للاهتمام، أو حسب مايرتئيه مناسبا ليصطادها، الأغلب هنا يعانون من جفاف عاطفي يحتاجون رفيقاً صادقاً أو مالًا لأن ظروف الحياة صعبة، وليست كل النساء تعمل لتؤمن استقلالاً مادياً.
تقع المرأة في شِباك الرجل الصياد حين يعترف بحبه لها بعد فترة من التعارف، قد تطول اذا ماكانت فريسة صعب اصطيادها، وبذلك يقنعها بأنها الوحيدة في حياته فيهتم بأمرها ويراسلها صباح مساء ليتمكن منها، فتصدقه وتصبح عجينة بين يديه ليشكلها كما يشاء، فمن صفات الرجل الصياد الذكاء والنباهة وسرعة التصرف، ثم يتفقان على لقاء، وغايته هنا الجسد فقط، وبذلك يكون قد بلغ الهدف من المطاردة فيتركها ويذهب لصيد أثمن وكلما كانت الطريدة صعبة المنال كلما ركز عليها أكثر فهو لا يؤمن بفكرة الفشل خاصة وأنه قد جرب واستمتع بالمطاردة والطريدة لكنه لايعلم بأن الرياح يوما قد تأتي عكس تياره، فأحيانا بعض النساء كبيت الشعر هذا :
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده
فهي تعرف مسبقاً غاياته وهي ليست بأقل منه دناءة فتذهب معه في لعبته إلى آخرها ولكن تنفذ طريقتها في قنصه وتجهز عليه قبل أن يبلغ مايود.