هوى الشام| إن الاقتصاد المتنامي في أي حكومة يعني حصولها على المزيد من الأموال من الضرائب ويكون بذلك لديها المساحة لخفضها أو إنفاق المزيد من الإعانات والخدمات العامة وأجور موظفي الحكومة، أما عندما ينكمش الاقتصاد تسير كل هذه الأشياء في الاتجاه المعاكس.
وعادة ما يحدث الركود ويستمر لفترة طويلة، وإذا ما استمر وتزايد فإنه يؤدي إلى كساد تكون نتائجه اخطر من الركود الاقتصادي.
فهل نحن اليوم إذا أمام حالات كساد وركود اقتصادي..؟
في هذا الخصوص التقت “الوطن” الدكتورة هنادي درويش “محلل اقتصادي” والتي أشارت بدورها إلى ضرورة النظر في القوانين العامة لتحديد ثمن السوق والتدخل عندما يكون العرض أكبر من الطلب (أو الإنتاج أكثر من المبيعات والاستهلاك) بأن يتم خفض السعر لجذب شريحة أكبر من المستهلكين أو المشترين لكن ما حصل من أزمات متتالية فرضت استغلال البعض لهذه الظروف في زيادة أرباحه ( محتكرين ومضاربين ..)
إلى جانب انخفاض القوة الشرائية لليرة والحصار الاقتصادي على سورية وضعف سيطرة الحكومة على هذه الأسواق وتواطأ بعض القائمين على ضبط هذه الأسواق عند قيامهم بجولات رقابية وتفتيشية .. كل هذه العوامل وغيرها أسهمت بشكل كبير في الارتفاع المستمر للأسعار .. حتى أصبحت للسوق السورية فجوة كبيرة بين عرضها وطلبها نتيجة الركود الاقتصادي فيها.
فإذا ما قلنا أن متوسط سعر سترة شتوية (40000 ل.س) ومتوسط دخل الفرد بين (50000_60000 ل.س) فكيف يمكن لهذا الفرد شراء سترات له ولأفراد عائلته؟
دون ذكر الغذاء والأدوية والحاجات الأساسية الأخرى..
حيث لوحظت هذه الحدة في ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة من العام الماضي أكثر من الفترة السابقة طوال فترة الحرب .
الأمر الذي يرتب على الحكومة ضرورة إيجاد حل علاجي لهذه المشكلة على مدى الشهور القادمة وليس إسعافي مؤقت ويكون ذلك عن طريق التوسع في الصناعات العامة التكاملية (المترابطة أماميا وخلفيا بالتسلسل) تستخدم مخرجات إحداها كمدخلات لأخرى .
وعلى هذا أن تبدأ بالزراعة بشقيها النباتي والحيواني لتأمين كحلقة متكاملة تنتج بمجملها غذاء وكساء وعمل عن طريق توفير فرص عمل ويمكن للقطاع العام أن يحصل بذلك على حصة سوقية أكبر ويكون منافسا قويا للقطاع الخاص في هذا المجال (لصالح المستهلك ) ولا سيما توفير الكميات المنتجة وبأسعار مقبولة ومدعومة وإيقاف الاستيراد في هذا المجال.
كما لفتت درويش إلى أن الركود في سوق العقارات رغم حدوثه إلا أنه مازال في التواترية السريعة في ارتفاع أسعارها وتراجع الطلب عليها رغم توافرها في بعض المناطق والمحافظات، ولم يقف ارتفاع أسعار مواد البناء والتجهيزات عائقا أمام استمرار البعض في إنشائها بينما نجد أن الأفراد قلصوا طلبهم لعدم قدرتهم على شرائها ولو بالتقسيط لسنوات طويلة .
وهذا ما يفرض تدخلا حكوميا جديا بعدة خطوات ومجالات يمكن ذكر بعضها كما الحال في فرض ضرائب مرتفعة وتصاعدية ترتفع كلما ارتفعت أسعار الإيجارات وإن تم بالمقابل انخفاض العرض من الشقق للإيجار يجب أن يتم فرض ضرائب مرتفعة على الشقق الشاغرة كحل لمشكلة السكن .. كذلك بفرض ضرائب تصاعدية جديدة تزداد كلما زاد سعر مبيع العقار أو ملكية المالك بالإضافة إلى تقديم الأراضي للمقاولين مقابل تشييد مساكن بمواصفات جيدة وبأسعار تقل عن سعر السوق وأخيرا يمكن تقديم تسهيلات ائتمانية (زيادة مدة السداد مع سعر فائدة منخفضة) لأصحاب الدخول المحدودة لمساعدتهم في شراء أو بناء مساكن صغيرة ومتوسطة المساحة .
كل هذا وذاك يقع تحت بنود الحلقات المتكاملة التي تشكل بدورها سلسلة ناجعة تنعش اقتصادنا إذا ما كانت كل الخطط موحدة في التكاليف والإنتاج والعمل إن كان صناعيا أم تجاريا أم زراعيا وتهدم الفجوة مابين العرض والطلب، وتشكل بدورها مجالا للنهوض بفرص أخرى من العمل بعيدا عن الركود والكساد..
المصدر: الوطن
(( تابعنا على الفيسبوك – تابعنا على تلغرام – تابعنا على انستغرام – تابعنا على تويتر ))