سورية والعالم

“الكلمة” التي اغتالت لقمان سليم

هوى الشام|في إحدى تغريداته كتب لقمان سليم “من يلزم #الصمت اليوم، لن يحسن #العواء غدا”، ربما كان يرد على تهديد مباشر له، عندما أعتدى “خفافيش الظلام”، كما وصفهم، على منزله وألصقوا على بابه لافتة كتب عليها “المجد لكاتم الصوت”.

فقد كان المطلوب كتم صوت لقمان ومنذ زمن، كما تؤكد الحملات التي استهدفته وخونته وصنفته عميلاً إسرائيلياً من دون أي دليل وصولاً إلى تصفيته.

جربوا إخراسه فلم يخف بالغ في عدم الخوف، فبالغوا في الذهاب من التهديد إلى التنفيذ، لأنهم خافوا من “لا خوفه” وخافوا من فشلهم في تدجينه.

والأرحج أنهم اغتالوه ليجبرونا على الخوف، وكانوا قبل حين قد هددوا أي إعلام يتناولهم، ولمَّحوا إلى أن البيئة الحاضنة ستتصرف وتهاجم من يعتدي عليها بالكلمة، ذلك أن الكلمة عدوتهم.

على أن لقمان لم يكن كلمة فحسب، كان مؤسسة فكرية من خلال مركز الأبحاث “أمم”، حيث عمل ورفاقه على ملفات لا تطيب لمن يريد طمس الذاكرة اللبنانية، سواء ما جرى خلال الحرب الأهلية والمفقودين والمجازر التي أرتكبت في تلك الفترة.

وكذلك اهتم بشكل علمي وموثق بمجريات الحرب السورية ومخيمات النازحين السوريين في لبنان، هذا عدا ملفات الفساد، وما أخصبها في ربوعنا.

بالإضافة إلى كلمته، كان يخيفهم عمل لقمان سليم في الشأن العام بأسلوب لا يألفوه ولا يريدوه. فقد جسَّد كل ما يعملون على إلغائه.

جسَّد انفتاحاً في حين كان التقوقع الطائفي والمذهبي هو المطلوب، حيث طالب بدولة مدنية يُحترم فيها الإنسان كمواطن وليس كفرد من قطيع.

والمواطنة ممنوعة وفق أجندة المحور الذي أعلن أنه يسيطر على بيروت من ضمن عدة عواصم عربية. أزعجهم رفض لقمان سليم الإرهاب ككلٍ، في حين كان المطلوب هو الاستنسابية في الرفض بما يعمق الشرخ في المجتمع اللبناني، ويرفع المتاريس بين أبناء الوطن الواحد.

والأهم أنهم احتاروا فيه.. كيف يمكن تأديبه؟ ومن أي زاوية يمكن النيل منه لإخراسه؟ هل هو منهم بحكم الانتماء المذهبي؟ ولماذا يريد تغليب بطاقة الهوية كمواطن على الرضوح لهذا الانتماء؟ وهل يمكن حينها تصنيفه الآخر الذي يجب أن ننعزل عنه لأنه يريد بالقطيع سوءاً؟

لعل هذه المفارقة هي أكبر جرائمه، وهي أكبر من كلمته وأكبر من عمله الاجتماعي العلمي والوطني. فقد كان شيعياً وشجاعاً. لطالما حدد العلة في لبنان والمنطقة، ولم يراع في كلماته ومواقفه قوى الأمر الواقع المتحكمين بمفاصل البلد، في حين خصع أركان المنظومة السياسة في لبنان لهذا الواقع.

بالتالي هو مرتد على بيئته ومهدور دمه، وبعد تعثُّر إفهامه بكل الوسائل التقليدية أن ما يقوله محرمٌ، أصبح لا بد من إزاحته وترهيب الآخرين من البيئة ذاتها من خلال هذه الجريمة. لذا كان الضحية الأولى من الشيعة الذين يهاجمون بالمنطق والعقل هيمنة المحور المصادر لسيادة لبنان.

هذا التطور النوعي هو ما يدفع إلى الخوف. لكن هل الخوف هو المطلوب بعد هذه الجريمة لوهلة نحسب أن الأمر كذلك، ربما هذا ما يرمي إليه الاغتيال.

إذاً، علينا أن نصمت وأن نقتل كلماتنا قبل أن يصل دورنا بكاتم صوت او من دونه، ما دامت ساحة الجريمة سائبة في وطن سائب.

أو أن الغضب أفعل من الصمت لمواجهة فعل القتل للكلمة التي تسببت بإغتيال لقمان سليم، وإن لم نفعل سنفقد حتماً القدرة حتى على العواء.

المصدر :سكاي نيوز

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))

hawa alsham

Recent Posts

مساعدات باكستانية تشمل 60 طناً من الأغطية للوافدين من لبنان

هوى الشام| تسلمت اللجنة العليا للإغاثة اليوم شحنة مساعدات إنسانية مقدمة من باكستان، تشمل 60…

7 ساعات ago

مخاطر تقبيل حديثي الولادة

هوى الشام| يحذر الأطباء والمتخصصون في مجال الرعاية الصحية من مخاطر تقبيل الأطفال حديثي الولادة،…

7 ساعات ago

الأهلي السعودي أول المتأهلين إلى ثمن نهائي دوري أبطال آسيا

هوى الشام| حجز الأهلي السعودي رسميا مقعده في ثمن نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة بفوزه…

7 ساعات ago

رونالدو يمنح النصر فوزا ثمينا على حساب الغرافة

هوى الشام| قاد كريستيانو رونالدو فريقه النصر السعودي لتحقيق فوز ثمين على حساب مضيفه الغرافة…

7 ساعات ago

خسارة قاسية لمنتخبنا السلوي أمام لبنان

هوى الشام| مني منتخبنا الوطني لكرة السلة بخسارة قاسية أمام نظيره اللبناني بفارق 25 نقطة…

7 ساعات ago

أكسيوس: “إسرائيل” ولبنان اتفقا على شروط وقف الحرب

هوى الشام| كشف موقع أكسيوس نقلا عن مسؤول أمريكي أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ولبنان اتفقا…

7 ساعات ago

We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website.