هوى الشام| دائماً ما يفاجأ المواطنون خلال جولاتهم على الأسواق بارتفاع أسعار السلع بشكل شبه يومي حتى دون إصدار نشرات أسعار جديدة من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فيقعون في حيرة بين أن يكون جشع التجار هو المسبب الرئيس لارتفاع الأسعار أو أن يصدقوا أن العقوبات الخارجية المفروضة على سورية هي سبب في كل الأزمات والمشاكل وارتفاعات الأسعار، وقد يتساءل البعض عن دور الحكومة في رفع الأسعار من خلال ما وصفه الكثير من الاقتصاديين بالتخبط في قراراتها وعدم انتهاج سياسة سعرية محددة.
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق فايز قسومة يرى في تصريح لـ«الوطن» أن للحكومة دوراً كبيراً في ارتفاع الأسعار الهائل الذي طرأ على السلع والمواد في عام 2022، وذلك من خلال الكثير من القرارات، ذاكراً منها القرار رقم 1070 الذي أصدره مصرف سورية المركزي في العام الماضي والذي نصّ على إجبار المستوردين على تمويل مستورداتهم عن طريق شركات الصرافة المختصة، ولكن هذا الأمر تسبب بضغط هائل على شركات الصرافة المحدودة لذا تم تخفيض الكميات المستوردة فبدأت الأسعار بالارتفاع نتيجة انخفاض العرض بالأسواق، مشيراً إلى أن غاية المصرف المركزي حينها كانت تخفيف الطلب على القطع الأجنبي والمحافظة على سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية.
وتابع قسومة ذكر الأسباب: «منذ بداية آذار من العام الحالي بدأ سعر الصرف بالارتفاع بعد أن حافظ على قيمته لعدة أشهر ولكن خلال سبعة أشهر أي لغاية تشرين الأول ارتفع سعر الصرف بنسبة 40 بالمئة، وفي الوقت ذاته أصدر مصرف سورية المركزي قراراً برفع سعر تمويل المستوردات بنسبة 40 بالمئة، إضافة إلى إصدار قرار آخر رفع فيه سعر الصرف الرسمي خلال أيلول ما أدى إلى ارتفاع الرسوم الجمركية بنسبة 12 بالمئة، وهذا الأمر انعكس بدوره على أسعار السلع في الأسواق».
وأشار قسومة إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصدرت أيضاً قراراً في آب من العام الحالي يقضي برفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة 130 بالمئة إضافة إلى تخفيض الكميات المخصصة للآليات التي تعمل على البنزين، ما دفع المواطنين إلى شراء بنزين من السوق السوداء بأسعار مرتفعة أو اللجوء إلى التهريب من لبنان بسعر 7500 ليرة للتر الواحد أي بزيادة تصل إلى 5000 ليرة عن السعر المدعوم، ما ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار أيضاً.
وفي سياق متصل أيضاً، قال قسومة: «كما أصدرت وزارة الكهرباء قراراً بحجة دفع قطاع الأعمال للتوجه للطاقات البديلة في توليد الكهرباء برفع أسعار الكهرباء الصناعية من 130 ليرة للكيلو واط إلى 560 ليرة للكيلو واط دون أن تقوم بأي دراسة للكلفة الحقيقية ما رفع الأسعار بشكل هائل أيضاً، وخاصة أن ارتفاع تكاليف الإنتاج ينعكس تأثيره الكلي في سعر السلعة النهائية.
وحول كل الأسباب التي ذكرها قسومة، اقترح أن يلغي مصرف سورية المركزي القرار 1070، وخاصة بالنسبة للمواد الغذائية والمواد الأولية للصناعات، معتبراً أن هذا القرار ساهم بانقطاعات كبيرة في المواد الأولية وتوقف عدد كبير من المعامل، مضيفاً: «كما يجب تحرير أسعار المواد المنتجة والمستوردة لأن ذلك من شأنه يحقق منافسة بين التجار، إضافة إلى تأمين انسياب البضائع لتأمين المنافسة أيضاً، وتشديد العقوبات المفروضة بحق التجار الذين يقدمون فواتير وهمية وملاحقة نسب أرباح البائعين (نصف جملة ومفرق)»، دون أن يقدم قسومة اقتراحاً بديلاً للقرار 1070 وآلية تمويل المستوردات في ظل شح القطع الأجنبي وتراجع الحوالات الخارجية.
وشدد قسومة على ضرورة متابعة آلية الربط الإلكتروني مع وزارة المالية بالنسبة لكل القطاعات لتشمل المنتجين والمستوردين وبائعي الجملة وذلك للحد من التهرب الضريبي، إضافة إلى ضرورة التشدد بملاحقة بيانات الاستيراد التي يتم فيها إدخال البضائع بسعر مخفّض، وإعطاء أولوية حكومية للتصدير ومتابعة أرقام التصدير من الوزراء المختصين لمعرفة سبب تراجع الصادرات وإزالة المعوقات، كما يتطلب الأمر الاهتمام بتأمين تنشيط لجميع الصادرات ودفعها بطريقه سهلة دون تأخير أو تعقيد.
من جانبه بيّن الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش في تصريح لـ«الوطن» أن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بأسعار حوامل الطاقة أثرت على التكاليف بشكل كبير لأنها من جهة رفعت الأسعار الرسمية ومن جهة أخرى رفعت الأسعار في السوق السوداء، مشيراً إلى أن الحكومة لا تملك رؤية واضحة وليس لديها خطة عمل وأن كل قراراتها هي عبارة عن ردود أفعال وليست أفعالاً، وعندما تعتبر أن التجار أقوى منها فعليها أن ترحل ولكن هذا التقصد بعدم تطبيق أحكام المرسوم 8 لعام 2021 على جميع المخالفات والاكتفاء فقط بتطبيق المرسوم على صغار الكسبة والتباهي بعدد المخالفات المسجلة يعد دليل عجز، لأن المرسوم وضع للقضاء على هذه الظواهر التي تقول الحكومة إنها غير قادرة على ضبطها أو القضاء عليها.
وأوضح عربش أن كل مواد المرسوم لا تطبّق حيث تحدث المرسوم عن الاحتكار والاتجار بالمواد المدعومة والأساسية وحدد عقوبات رادعة، ومع ذلك لم تتم محاسبة سوى عدد من الأشخاص الموجودين في الواجهة ولم تتم على كبار التجار الذين يقررون وتصبح قراراتهم سارية المفعول، مشيراً إلى أن الفساد الذي أدى إلى تحالف بعض صانعي القرار مع هؤلاء التجار تسبب برفع الأسعار وفقدان المواد، وعدم معرفة الآلية التي تتحدد بها الأسعار.
المصدر:الوطن
(( تابعنا على الفيسبوك – تابعنا على تلغرام – تابعنا على انستغرام – تابعنا على تويتر ))