هوى الشام| يقدم مسلسل «حارة القبة» (كتابة أسامة كوكش إخراج رشا شربتجي)، دراما من نوع البيئة الشامية، إلا أنها ترتقي بنفسها عن كل ما يعكر صفو هذه البيئة، فالحكاية طازجة جميلة تثير الاهتمام، محددة بزمان ومكان، ليست تائهة، تدور في إطار الدراما الممزوجة بالتشويق، حول فترة «السفر برلك» الحكم العثماني لبلاد الشام في القرن التاسع عشر، وتسليط الضوء على أهل مدينة الشام القديمة ومعاناتهم من الفقر والجوع والتشرد، وتثبت أن لكل شخصية في العمل معنى ووجوداً مبرراً وحقيقياً، مبتعدة عن منطق الاستعراض مثل عضاوات والحارة والأزياء واللهجة، لتحقق بذلك الهدف من نشأتها، وتقدم حكاية مشوقة تتفوق على الاستعراض.

لطالما كنا نتوق إلى بيئة هادفة تغزل روايتها بشغف وبحبكة متقنة لا تستخف بعقولنا، من خلال أحداث متماسكة مشغولة بتقنية، في كل قفلة تترك لدينا العديد من الأسئلة وننتظر بشغف قادمتها، في تركيز مهم على عنصر التشويق.
ربما حرص القائمون على مسلسل «حارة القبة» على تغيير المفهوم السائد عن ما تم طرحه سابقاً في حارات الشام، وعملوا على تأسيس بيئة ناضجة هادفة محكمة البناء، نسجها أسامة كوكش بعناية، وقدمتها بشكل جذاب متناغم مع النص المخرجة رشا شربتجي.
من بطولة: عباس النوري، سلافة معمار، فادي صبيح، خالد القيش، محمد حداقي، نادين تحسين بيك، شكران مرتجى والعديد من نجوم الدراما السورية.
ومع استمرار عرض العمل على المحطات تحدثنا إلى الكاتب أسامة كوكش، ليحكي لنا كيف يتلقى أصداء العمل، ويروي
تفاصيل البيئة التي يقدمها واختلافها، وعن العمل الشامي بشكل عام في هذا الحوار:
بداية كيف تتلقى أصداء العمل.. وما أكثر الأمور التي لفتت الجمهور برأيك؟
للأسف نحن بسبب الظروف الخارجة عن إرادتنا منها انقطاع التيار الكهربائي في سورية، خسرنا شريحة كبيرة من المشاهدين السوريين، والأشخاص الذين يتابعون العمل عن طريق جهاز «الموبايل»، هي فئة عمرية محددة، إضافة إلى أنها لا تعطي المتعة الحقيقية للمشاهدة من الصورة واستماع الصوت، لكن عموماً الأصداء التي أتت كلها تثني عليه، وفي «السوشال ميديا» هناك أصداء إيجابية بالمجمل ولكنها لا تخلو من بعض النقد، أو من بعض الناس التي لا تحب أصلاً فئة أعمال البيئة الشامية.
أكثر ما لفت المشاهد هو المعالجة المختلفة للبيئة الشامية، لأن الجمهور عندما نقول عمل بيئة شامية يتوقع مفردات محددة في المعالجة والطرح، لها علاقة بعضاوات الحارة والزعيم والعكيد، على حين «حارة القبة» ابتعد عن هذه المفردات وذهب إلى مكان آخر، تدور حكايته داخل البيوت، أي لا يوجد مكان للاستعراض، وصراع الخير والشر موجود في العمل لكن خلف الأبواب المغلقة.
كيف تصنف العمل بين الأعمال الأخرى؟
العمل هو بيئة شامية متخيلة لكنها تحاكي الزمان والمكان، كونه يجري في ظل «سفر برلك»، وهذا ما أعطاه امتيازاً آخر، فالعمل ليس في الفضاء العائم، وبالرغم من أن الحكاية متخيلة إلا أنها تحدث في مكان وزمان محددين «دمشق وزمن سفربرلك».
هل أنت راض عن مستوى العمل للآن، وبرأيك هل ظلم محلياً لعدم عرضه على القنوات السورية؟
بالتأكيد راض عن العمل، خاصة أن المخرجة رشا شربتجي تعد نجمة متألقة في عالم الإخراج، قدمت رؤية جميلة للورق المكتوب، والمظلة الكبيرة كانت من المنتج هاني العشي المثقف الواعي المتمكن من مفردات مهنة الإنتاج، إضافة إلى وجود نجوم من الصف الأول ومن الطراز الرفيع، قدموا عملاً أطمح أن يكون كاملاً.
وبالنسبة للقنوات التي تعرض العمل برأيي لا توجد مشكلة طالما أن الفضاء مفتوح يمكن متابعته بأي مكان لكن المشكلة ليست أين يعرض بل المشكلة في الكهرباء.
فكرة الأجزاء حتى لو أن العمل كتب على هذا الأساس ألا تقلقكم؟
مسلسل «حارة القبة»، مشروع مؤلف من خمسة أجزاء وأرجو التركيز على هذه الفكرة، نحن لم ننجز جزءاً بناء على نجاح الجزء الذي قبله، ولا نركب جزءاً ثانياً بناء على نجاح الأول، الفكرة مقسمة إلى خمسة أجزاء على مدى خمسة مواسم رمضانية كل موسم 30 حلقة، وحتى الآن انتهينا من تصوير الجزء الأول والجزء الثاني، ونعد الآن للجزء الثالث، ولا نقلق لأننا واثقون من المادة، وبنفس الوقت نعمل على احترام ذهنية المشاهد ونبذل جهدنا لنقدم الشيء الذي يليق به.
أحداث العمل تتصاعد بشكل مشوق.. كم ركزت على طرح بيئة مشوقة لا يهرب منها المشاهد؟
الحكاية تروى في زمان ومكان مشوق بطبيعته، خاصة عندما نربطها بمدينة تاريخها غني بالأحداث، عنصر التشويق موجود لكننا نسعى لمعالجته بطريقة مدروسة، لأن الأحداث المشوقة جزء مهم من أي عمل سواء كان معاصراً أم تاريخياً أم بيئة شامية.
الكثير من الناس لا تفضل أعمال البيئة ولا تشاهدها أساساً، وتطالب بإيقافها، ما موقفك منهم؟!
عمل البيئة الشامية مطلوب ولا يمكننا إلغاءه، ومن يقرر ذلك المنتج سواء كان بيئة شامية أم تاريخياً أم اجتماعياً.. هذه أمواله الخاصة، والمشاهد حرّ أيضاً في المشاهدة من عدمها.
وتأتي أهمية أعمال البيئة الشامية من تفردها في الوطن العربي، وهي جذابة وإلا لما كانت المحطات الخليجية تسابقت كي تشتريها وتعرضها.
برأيك ما الحل لإعادة إقناع المشاهد بها؟
لا أعتقد أنه من الصواب إيقاف الأعمال الشامية وذبح الدجاجة التي تبيض لنا ذهباً، ولكننا نستطيع أن نقدم أعمالاً جيدة ومحترمة وفيها عمق، وإذا ما لاحظنا في فترة الحرب تمت محاربة الأعمال السورية من القنوات الخليجية، وعزفوا عن شرائها باستثناء أعمال البيئة الشامية مع أنها تحمل نفس الممثلين والمخرجين، وذلك لأنه لا يوجد بديل عنها في الوطن العربي.
في كلمة أخيرة ماذا تقول؟
أقول: للأسف نحن في سورية لا نملك قنوات خاصة، ففي مصر استغنوا عن القنوات الخليجية وأصبح لديهم قنواتهم الخاصة، أي إن العمل ينتج ويباع ويربح في مصر، عندهم ما يغطي التكاليف والأرباح من المحطات الداخلية، نحن للأسف ليس لدينا محطات داخلية، وبسبب الظروف الحالية والحرب أصبحت إمكانية قنواتنا على الدفع محدودة وبالتأكيد لا نحمّلها المسؤولية لكن بالنهاية لا نريد أن نوقف صناعة الدراما.
ولو حصلنا في سورية على رأس المال لاستغنينا عن المحطات الخليجية التي تدفع الكثير، لذلك واحدة من أهم مشاكلنا أنه ليس لدينا محطات خاصة، درامانا مرتهنة بالخارج للسبب المالي، بالتالي لا يمكن أن نضع شروطنا.
المصدر: الوطن

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))