حسين مرتضى يكشف ماخلف كواليس اللقاءات الاعلامية مع الرئيس الأسد
هوى الشام
عند انتهاء اللقاء كنت لا أزال أعيش دهشة تثيرها غزارة التصريحات والمعلومات التي عرضها سيادة الرئيس بشار الأسد، والتي مثّلت سبقاً صحافياً يترقبه الجميع.
وبقيت المهمة الأصعب، وهي التسويق لهذا اللقاء، ففي أيّ خبر أو مقابلة أو حدث إعلامي ما لم يتمّ التسويق والترويج له بشكل صحيح يعطي نتائج سلبية، كيف إذا كانت هذه الشخصية الرئيس الأسد.
نحن نعلم تماماً أنّ الحرب التي شُنّت على سورية وما زالت، كانت تركز على شخص الرئيس عبر مختصين ومحللين، مثلاً على لباسه وحركاته وكلماته ومفرداته ويديه، على المكان الذي يجري فيه اللقاء، حتى زياراته للجبهات كانت محطّ رقابة ومتابعة.
وحجم هذه المعركة كان يتطلّب أن يكون هناك فريق متخصّص بالحرب الإعلامية والنفسية يواكب الحرب العسكرية والأمنية التي تخوضها الدولة السورية، والذي كان يتابع التفاصيل كلها بدقتها حتى أثناء زيارة الجبهات كان الفريق في أكثر الأحيان يستبق الرئيس الأسد للوقوف على طبيعة المكان والرسالة التي ستصل من خلال هذه الزيارة.
وهنا ندرك خطورة وحساسية هذه المهمة كما الفريق الأمني الذي أوكلت اليه مهمة حماية الرئيس الأسد. كذلك الفريق الإعلامي تقع عليه المسؤولية الأساسية في إيصال الصورة بكلّ حيثياتها وتفاصليها كي تحقق المرجو، لتشكل هذه المتابعة من فريق متخصّص، حجراً أساسياّ في نجاح المقابلة أو اللقاء أو التصريح أو الزيارة وإلا سيكون مردود ذلك سلبياً أكثر منه إيجابي.
وطالما أنه لا يمكن الفصل بين ملفات الحرب على سورية منذ الأيام الأولى كنا على تواصل مباشر مع مكتب الإعلام والاتصال في رئاسة الجمهورية، وخاصة بالأخبار المتعلقة بالرئيس ولقاءاته مع المسؤولين، وحتى حول الحملات التي شنّت. كان هناك تنسيق مستمرّ، ولعب هذا التنسيق دوراً كبيراً في محاربة وإفشال الفبركات الإعلامية.
وهنا للإشارة الدور الذي يلعبه مكتب الإعلام والاتصال في الرئاسة لا يقتصر على مقابلة أو تصريح أو زيارة بل في توحيد جهود إعلامية لمواكبة كلّ التطورات والحرب الإعلامية في كلّ المجالات والمواكبة الخبرية التفصيلية كانت في بعض الأحيان بكلّ لحظة ودقيقة، وحسب تطورات الميدان أو الحدث الأمني. وهذا يتطلّب تواصلاً مستمراً في شبكة المراسلين ومكاتب القنوات التي تعمل على الساحة السورية.
ولو عدنا قليلاً الى المقابلة مع الرئيس الأسد فمثلاً عندما انتقلنا الى المكان المخصّص لإجراء اللقاء كان اللافت التنظيم الدقيق والجهوزية العالية من الناحية الفنية، كالكاميرات والمونتاج والصور الفوتوغرافية. حتى الزواية التي ستلتقط منها الكاميرات الصورة كانت مدروسة بعناية فائقة، خمس كاميرات تتأهّب لالتقاط الصور، والدقة في اختيار المكان مثلاً تركت أثراً كبيراً… فقد استوقفت الصحافة الفرنسية القاعة والنافذة في القاعة التي أجريت فيها المقابلة كدليل على أمان المكان، ومن التفاصيل التي لم ينسَها المكتب الإعلامي، الساعة الكبيرة التي كانت موضوعة أمامي للفت انتباهي إلى وقت انتهاء المقابلة.
قد يظنّ البعض أنه، وفي حال انتهاء المقابلة يزول حمل كبير عن عاتق الصحافي أو مكتب الإعلام والاتصال، ولكن على العكس، ليبدأ بعدها القلق المصحوب بتركيز عالٍ، للترويج لهذه المقابلة وأصدائها، وبدأت الرحلة بمرحلة المونتاج، والعمل الفني.
خلية نحل تعمل كمنظومة متكاملة متقدّمة واحترافية في البعد الصحافي، منهم مَن يحمّل المادة المصوّرة على الحواسيب والشروع بالعمل الفني المتقن، ليقوم فريق آخر بتفريغها إلى نص مكتوب كلمة بكلمة، ويأتي عمل المختصين بتدقيق النص وإعادة صياغته وترجمته لأكثر اللغات انتشاراً على مستوى العالم، ليتمّ تعميمه على وكالة الأنباء الرسمية.
عند الانتهاء تمّ تحديد موعد البث، وهنا كانت الأعصاب مشدودة، الجميع ينتظر مواقف سيادة الرئيس في المقابلة، اهتمام من وسائل الإعلام بأنواعها كافة. وهنا المرحلة التي تحتاج أيضاً إلى جهد، وهي كيف تعاطت وسائل الإعلام مع هذه المقابلة، وفوق هذا استقراء ردود أفعال السياسيين تجاه الرسائل الموجّهة لدول أو لقوى كانت شريكة في العدوان على سورية، كتعاطي السياسيين بالتصريحات المتعلقة بالدور الإيراني وحزب الله والحديث عن صفقات أو ما شابه، فقد استطاع الرئيس الأسد أن يقطع نزاع القوم وينفي حدوث صفقات أو أيّ أمر من هذا النوع.
إنّ النجاح الذي حققته المقابلة مع سيادة الرئيس الأسد على قناة «العالم»، كان نتيجة تراكم خبرة في الحرب الإعلامية والنفسية، استطاع من خلالها مكتب الإعلام والاتصال في الرئاسة، التعامل من كلّ طارئ بشكل مؤسسي منذ بداية الحرب المفروضة على سورية، بالإضافة الى تطوير أدوات المواجهة مع الحرب النفسية والإعلامية التي كانت تشنّ ضدّ الشعب السوري. وهذا طبعاً يتطلّب جهداً وخبرة ليست إعلامية فقط، بل في العمق السياسي ليكون فريق العمل سنداً للرئاسة في هذا المجال…