هوى الشام
عملية جمع أموال جديدة تمارسها شركة في سوريا منذ نحو 5 سنوات، وتستخدم كل الوسائل لإقناع الناس، ومنها الادعاء أنها تعمل في النور وبشكل قانوني وبترخيص الحكومة أيضا.
شركة “المركز السوري للتجارة والتوزيع SCC” تعمل منذ نحو 5 سنوات وتنشط في “توريط” الناس بالدخول ضمن شبكة تسويق، وتعدهم بمزيد من الأرباح كلما كبرت شجرة من يورطونهم.
وتعمل في البلاد منذ سنوات باستخدام طريقة “التسويق الشبكي” وهو نوع من التسويق، الذي تؤكد وزارة التجارة أنه غير قانوني، ولم تُمنح أي شركة رخصة بممارسته.
الشركة تشبه مثيلات لها عملت سابقا في البلاد قبل أن “تختفي” فجأة وتذوب كل أموال من “ورطتهم” لكن هذه الشركة حاولت أن تقدم ما يمكن أن يطمئن الناس، لهذا هي تقنعهم بشراء بضاعة من منتجاتها ويساعدونها في التسويق، وهي تبيعهم تلك المنتجات بسعر يفوق سعرها في السوق بنحو الضعف، فتأخذ من كل شخص 55 ألف ليرة مقابل منتجات لا يزيد سعرها عن 20 ألفا، وهؤلاء سيتحولون إلى أعضاء في شبكة تسويق، ولاحقا قد يحصلون على لقب “قائد” أو “ليدر” حسب التسمية التي يتداولونها إذ لها وقع آخر.
المطلوب من “المتورطين” أن يبنوا نوعين من الفروع على اليمين، وعلى اليسار، بحيث يحصل كل شخص على مبلغ يعادل نحو 115 ألف ليرة إن استطاع أن يأتي بـ 46 شخصا وجعلهم يشترون “البضاعة”، أما إذا لم يستطع أن يبني سوى فرع واحد فيحصل على 21 ألفا، وإقناع الناس بشراء المنتجات هو العمل الحقيقي المطلوب من المتورطين، رغم أن لدى الشركة وأفرادها مجموعة كبيرة من الأفكار عن: الطاقة الإيجابية، والعمل الدؤوب، والإصرار .. الخ، وهي أفكار تقوم بتلقينها لمن سيدخلون ضمن الشبكة، وتنظم لهم “دورات” متخصصة بالإقناع (في معاهد افتتحتها لهذا الهدف، وتعمل تحت الضوء دون مساءلة من أحد، وأحيانا تستخدم المراكز الثقافية لذلك).
غسل دماغ
يقول أحد “المتورطين” مع الشركة ـ الشبكة، لـ RT إنه اضطر للاستدانة كي يدخل ضمن الشبكة، ويوضح أن الذي أقنعه بذلك بقي فترة طويلة يتصل به، ويحدثه عن الأرباح ويزين له مواصفات الشركة، لكنه يؤكد أن ذلك الشخص كان يحدثه بكل صدق، ويصف الأمر بعبارة: “إنهم يتعرضون لعملية غسل دماغ”، يقنعونهم بأهداف سامية للشركة، وبأنهم يقومون بعمل نبيل يهدف إلى تحويل المجتمع كله إلى أثرياء، لكنه سرعان ما اكتشف أن هناك دوما قاعدة عريضة في أسفل الشبكة، يقوم أعضاؤها بالتسديد دون أن يحصلوا على أي شيء.
“نصب معلن”
أحد الذين غادروا الشركة بعد أن يئس واقتنع أن تعرض لعملية “نصب معلنة” كما يسميها، يقول إن الشركة تقنع الناس أنها مرخصة وتقوم بعملها بشكل معلن: تقارير تلفزيونية، وندوات بعضها في المراكز الثقافية، وهكذا لا يشك أحد بصدقيتها.
وعن “البضاعة” التي حصل عليها مقابل 55 ألف ليرة، يقول: “الله وكيلك حاولت أن أبيعها، لم يشترها أحد بأكثر من 20 ألفا، وهي عبارة عن: شرشف كهربائي، لحاف خفيف، وسادتين، وشرشف للسرير”.
ويؤكد أن أحدهم أصر عليه وبطرق عدة حتى أقنعه بالاشتراك لكنه سرعان ما اكتشف أن عمله سيكون ناجحا بمعايير الشركة كلما “ورط” أشخاصا آخرين لهذا اقتنع بخسارته وانكفأ.
ويتحدث عن المحاضرات التي يلقونها بهدف “توريط” آخرين، بل عن اللقاءات التلفزيونية التي يتحدثون فيها عن “إنجازاتهم، ومساعدتهم للجرحى وأسر الشهداء، وكل ذلك غير صحيح” كما يقول.
والواقع أن للشركة عددا من الصفحات على الفيسبوك، تنشر فيها فيديوهات عن الدورات التي تقوم بها وعن أنشطتها، وكذلك تعيد نشر تقارير متلفزة عن “نجاحات” الشركة بثتها قنوات تلفزيونية محلية كالتلفزيون السوري (السورية)، وقناة “سما” الخاصة، وقناة “أوغاريت” المحلية في محافظة اللاذقية.
أحد “القادة” الذين تواصلنا معهم يقول إن الوضع القانوني للشركة نظامي، وإنها مرخصة أصولا، وتبيع منتجات “وطنية” وتحقق أرباحا لها وللمنتسبين فيها، إضافة إلى أن تعميمها سيحقق فائدة كبرى للمجتمع، وحين نسأله عن وضع قاعدة الشبكة التي ستبقى دوما تدفع دون أي مردود، يؤكد: “من لا يحصل على مردود يكون كسولا، ولا يعمل” وما هو العمل؟ “هو أن يبحث عن مسوقين آخرين”.
لا ترخيص للتسويق الشبكي
نسأل مديرة الشركات في وزارة التجارة وحماية المستهلك إلهام الشحادة إن كانت أنشطة “التسويق الشبكي” مسموحة في سوريا فتقول إن “الوزارة وحتى تاريخ اليوم لم ترخص أي شركة يكون مجال عملها التسويق الشبكي”
وحول الوضع القانوني لشركة SCC لدى الوزارة تقول الشحادة إن الشركة مصدق على نظامها الداخلي وفق القرار 590 لعام 2018، إلا أن الشركة لم تحصل على الشخصية الاعتبارية لأنها لم تشهر في السجل التجاري، وتضيف أن المؤسسين قدموا طلبا لإصدار قرار طي تأسيس الشركة، وتؤكد لـ RT أن قرارا صدر مؤخرا عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يقضي بطي القرار رقم 590 (مرفق صورة عنه) المتضمن التصديق على النظام الأساسي لشركة SCC الخارجية المحدودة المسؤولية (أوف شور).
وحول الوضع القانوني للشركات التي تحمل صفة “أوف شور” تقول الشحادة إن أي شركة مرخصة تحت هذه الصفة تكون ممنوعة، حسب قانون الشركات، من ممارسة أي نشاط تجاري أو تسويقي داخل سوريا، ولا يجوز لها إلا أن تتملك مقرا في سوريا ودون أن يكون لها فروع في المحافظات.
وعن شركة “المركز السوري للتجارة والتوزيع المحدودة المسؤولية” تقول مديرة الشركات إنها مرخصة ولديها سجل تجاري.
لكن هل يرد ضمن الترخيص أنها يمكن أن تمارس نشاط “التسويق الشبكي”؟
تجيب الشحادة أن “التسويق الشبكي” لا يرد ضمن أنشطة شركة “المركز السوري للتجارة والتوزيع”
سنوات وهي تعمل وتورط مزيدا من الباحثين عن أي أمل بدخل جديد يسد بعض الحاجات اليومية، بل هي تعدهم بأنهم سيتحولون إلى أثرياء، إن امتلكوا “طاقة إيجابية” ورغبة جامحة في العمل، لكن الواقع أن ذلك العمل يقتصر على “توريط” آخرين ضمن الشبكة التي سيجد أعضاؤها أنفسهم يوما وقد صاروا معلقين بتتبع أخبار شركة ذابت واختفت.
أسامة يونس – RT