هوى الشام | الساعة تشير إلى السادسة والنصف من صباح السبت السابع من تشرين الأول، غداة الذكرى الـ 50 لحرب تشرين التحريرية، المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر تباغت العدو الإسرائيلي.. آلاف الصواريخ تدك (تل أبيب) وعشرات المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1948، فيما دوت صافرات الإنذار في 160 مستوطنة بدءاً من أطراف القطاع وصولاً إلى (تل أبيب) لتدب الرعب بين المستوطنين وجنود الاحتلال، وتجبرهم على الاختباء في الملاجئ.

وبينما كانت الأنظار تتجه إلى حيث سقطت الصواريخ كان أكثر من 1000 مقاوم فلسطيني يتقدمون باتجاه هدفهم الرئيسي، ويخرقون تحصينات الاحتلال على أطراف القطاع، ويقتحمون مستوطناته المحاذية له جواً وبراً وبحراً، عبر عمليات إنزال جوي بالمظلات وانقضاض بعشرات المسيرات على مواقع العدو، واقتحام بري بالآليات ليشتبكوا مع جنود الاحتلال ومستوطنيه في مستوطنة سديروت وعدة مواقع للعدو، حيث قتلوا عدداً من جنود الاحتلال ومستوطنيه، وأسروا آخرين من بينهم ما يسمى قائد فرقة غزة الجنرال نمرود ألوني، وسيطروا على آليات للاحتلال وأدخلوها إلى قطاع غزة.

وخلال اللحظات الأولى من العملية، نفذت خمسة زوارق محملة بمقاتلي الكوماندوز البحري للمقاومة عملية إنزال ناجحة على شواطئ جنوب عسقلان، وسيطرت على عدة مناطق وكبدت العدو خسائر فادحة، ليتبين أن صواريخ المقاومة التي استهدفت (تل أبيب) والمستوطنات في عمق الأراضي المحتلة عام 1948 لم تكن سوى للتغطية على عملية للمقاومة أوسع وأكثر تعقيداً.

نحو الثامنة إلا ربعاً أعلنت المقاومة بدء عملية (طوفان الأقصى) رداً على اعتداءات الاحتلال اليومية على المسجد الأقصى وجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وعربدته وتنكره للقوانين والقرارات الدولية في ظل الدعم الأمريكي والغربي والصمت الدولي، مؤكدة أنها قررت وضع حد لكل ذلك ليفهم العدو أنه قد انتهى الوقت الذي يعربد فيه دون حساب.

وأثناء الساعات الأولى للعملية، سيطر المقاومون بشكل كامل على مستوطنات ومواقع عسكرية عدة للاحتلال، واقتحموا معبري كرم أبو سالم وبيت حانون اللذين يربطان القطاع بالأراضي المحتلة عام 1948، وخاضوا اشتباكات مع جنود الاحتلال في 22 موقعاً وقتلوا وأسروا عدداً كبيراً منهم ليثبت تقدم المقاومة أن الإعداد للعملية كان محكماً، واشتمل على تكتيكات قتالية متقدمة لم تستخدمها المقاومة من قبل.

وأقر الاحتلال بأن ما حدث شكل صدمة له، ومثل فشلاً استخباراتياً هائلاً، حيث كان هناك ارتباك كبير في التعامل مع عدد غير مسبوق من الصواريخ سقطت على المستوطنات ومع المفاجأة باقتحام أكثر من 1000 فلسطيني المستوطنات المحاذية للقطاع والسيطرة عليها، حيث اعترف رئيس كيان الاحتلال إسحاق هرتسوغ ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو أن الوضع قاس، وأن أياماً صعبة تنتظر الكيان، فيما قال الرئيس السابق للموساد افرايم هاليفي خلال مقابلة مع شبكة (سي إن إن) الأمريكية: إن “العملية كانت ناجحة للغاية لسوء الحظ ومنسقة جداً، وإن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها خلال أقل من 24 ساعة يزيد على 3000 وهذا أمر يفوق الخيال”.

الاحتلال رد على عملية طوفان الأقصى التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 800 جندي ومستوطن بينهم ضباط كبار وإصابة نحو 2500 بشن عدوان وحشي هو التاسع منذ خروجه مدحوراً من القطاع عام 2005، حيث قصف بآلاف الأطنان من القنابل وبالأسلحة المحرمة دولياً القطاع من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه مستهدفاً المنازل والمدارس والمشافي والمساجد، وارتكب عشرات المجازر، ليصل عدد ضحايا العدوان حتى الآن إلى 560 شهيداً ونحو 3000 مصاب، إضافة لنزوح أكثر من 123 ألفاً إلى مراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، وتدمير 72 مبنى و7 مساجد بشكل كلي، وتضرر 5350 مبنى بشكل جزئي بينها مدارس ومشاف.

هدف عملية طوفان الأقصى

لم يكن هدف العملية فقط تكبيد العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة في صفوف جنوده ومستوطنيه بل اقتحام مناطق استراتيجية، وأخذ أسرى والعودة بهم إلى داخل القطاع لمبادلتهم لاحقا بأكثر من 5000 أسير يعانون شتى أنواع التعذيب في معتقلاته، فضلاً عن وضع قواعد جديدة للاشتباك مع الاحتلال وخلق (توازن الرعب) بما يوقف جرائمه واعتداءاته على الشعب الفلسطيني الذي أكد مجدداً بعملية طوفان الأقصى المتواصلة لليوم الثالث أن بندقية المقاومة هي الخيار الوحيد في مواجهة الاحتلال واستعادة الأرض والحقوق.

عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم الرابع هو العدوان الوحشي التاسع الذي يشنه عليه بعد أن أرغمته المقاومة الفلسطينية على الخروج منه مدحوراً في عام 2005.

الاحتلال لجأ بعد خروجه ذليلاً من القطاع إلى فرض العقاب الجماعي بحق أهله، وفرض حصاراً برياً وبحرياً في كانون الثاني عام 2006 وشدده منتصف حزيران عام 2007 في جريمة ضد الإنسانية بحق نحو 2.3 مليون فلسطيني، متسبباً بمعاناة كبيرة لهم وبأزمات شملت جميع مجالات الحياة.

العدوان الإسرائيلي على غزة

 

القطاع المقاوم يواجه عدوان الاحتلال.. (9) حروب وعشرات المجازر

حروب الاحتلال ضد الفلسطينيين في القطاع بدأت عام 2008 ارتكب خلالها عشرات المجازر راح ضحيتها آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى، فضلاً عن دمار هائل في المنازل والبنى التحتية، في محاولة منه لكسر إرادة الشعب الفلسطيني المتشبث بأرضه وحقوقه والمتمسك بالمقاومة خياراً وحيداً لاستعادتها.

العدوان الواسع الأول شنه الاحتلال على القطاع بين الـ27 من كانون الأول 2008 والـ 18 من كانون الثاني 2009 استشهد خلاله 1436 فلسطينياً، وأصيب أكثر من 5400.

– العدوان الثاني بين الـ 14 والـ 21 من تشرين الثاني 2012 أدى إلى استشهاد 180 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 1300.

– العدوان الثالث بين الـ7 من تموز والـ 26 من آب 2014 استشهد خلاله 2322 فلسطينياً، وأصيب نحو 11 ألفاً.

– العدوان الرابع أيام 3 و4 و5 أيار 2019 أدى إلى استشهاد 27 فلسطينياً، وإصابة 154.

– العدوان الخامس أيام 12 و13 و14 تشرين الثاني 2019 أسفر عن استشهاد 34 فلسطينياً، وإصابة 100.

– العدوان السادس بين 10 و21 أيار 2021 استشهد خلاله 257 فلسطينياً وأصيب نحو 2000.

– العدوان السابع أيام 5 و6 و7 آب 2022 أدى إلى استشهاد 49 فلسطينياً، وإصابة 360.

– العدوان الثامن بين 9 و13 أيار 2023 أسفر عن استشهاد 33 فلسطينياً، وإصابة 190.

– العدوان التاسع بدأ في السابع من الشهر الجاري، وأسفر حتى الآن عن استشهاد 687 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 3800.

وسبقت هذه الحروب والاعتداءات عشرات المجازر بحق أهالي القطاع من أبرزها:

– مجزرة مخيم البريج – آب 1953 استشهد فيها 20 فلسطينياً وأصيب 62.

– مجازر غزة – شباط وأيار 1955 وتشرين الثاني 1956 أدت إلى استشهاد 380 فلسطينياً وإصابة 103.

– مجازر رفح وخان يونس والبريج ومخيم جباليا وحي الدرج – عام 2002 استشهد فيها 81 فلسطينياً، وأصيب نحو 450.

– مجازر مخيم جباليا وحيي الزيتون والشجاعية – عام 2003 أسفرت عن استشهاد 65 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 250.

– مجازر رفح والبريج وأحياء الشجاعية والزيتون والنصيرات – عام 2004 أدت إلى استشهاد 191 فلسطينياً وإصابة 439.

– مجزرتا بيت لاهيا وبيت حانون – كانون الثاني 2005 وتشرين الثاني 2006 استشهد فيهما 28 فلسطينياً، وأصيب 54.

– مجزرة مليونية مسيرة العودة – 14 أيار 2018 أسفرت عن استشهاد 60 فلسطينياً، وإصابة 2771.

حروب الاحتلال واعتداءاته ومجازره التي ارتكبها في قطاع غزة والدمار الكبير الذي ألحقه به بعد تحويله إلى أكبر سجن في العالم لم تمكنه من النيل من صمود أهله ووقوفهم خلف مقاومتهم التي وضعت عنوان (تحرير فلسطين) من البحر إلى النهر هدفا لها، وتواصل تحقيق النصر تلو الآخر على الاحتلال حتى دحره نهائياً.

سانا – جمعة الجاسم وعاليا عيسى