هوى الشام
أن تطلق وسائل الإعلام الإسرائيلية خبراً مفاده أن “عدوان خطير” على إسرائيل حدث فجر الخميس, هو ليس بالخبر العادي أو لايجب أن يكون كذلك ولها أبعاد وتأثيرات عسكرية وسياسية واقتصادية على كافة المستويات الدولية, فللمرة الأولى منذ العام 1974، تشتعل جبهة الجولان بهذه الحدّة.
بعد اتجاه السلوك الصهيوني وتعبيره الواضح انه لا يريد لسوريا، ومن خلفها محور المقاومة، تثمير انتصاراتها في سياق بناء قوة ردع بمقاربة تسقط الأجندات الإسرائيلية في سوريا خصوصا والمنطقة عموماً وتحد من حرية حركاتها واعتداءاتها وبخاصة بعد حسم الغوطة الشرقية وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سورية, لذلك سارعت دولة الاحتلال الإسرائيلي ، منذ التاسع من نيسان الماضي، بتصعيد هجماتها على سوريا لخلط الأوراق وفرض أمر واقع ضمن مباحثات الإسرائيلية الروسية.
المعلومات الني روجت لها تل أبيب بامتلاكها معلومات عن التحضير لهجوم من محور المقاومة يحضر, لم يفدها في تبريد إرادة هذا المحور في توجيه هذا العمل العسكري وبتوقيت ومكان تم تحديده بدقة .
وعليه يمكن قراءة واستخلاص أهم النقاط من خلال القصف الذي تعرضت له مواقع عسكرية إسرائيلية حساسة داخل الأراضي المحتلة:
1- قواعد الاشتباك في منطقة لا تقرر في موسكو أو تل أبيب أو واشنطن بل من قبل دول محور المقاومة، وهي أصبحت أي هذه القواعد بمسار لايناسب المصالح الصهيونية، وبخاصة أن هذه العملية تزامنت مع التصريحات العنجهية لنتنياهو من موسكو وهذا قد يحمل طابع أو مؤشر ممفاده بأنه لا اتفاق بين نتنياهو وبوتين وإظهار كذب ادعاء نتنياهو.
2-عنصر المفاجأة واختيار مواقع حساسة للغاية وهذا يشكل فشل جديد للاستخبارات الأمنية والعسكرية للكيان مقابل تفوق ببنك المعلومات التي يملكها محورالمقاومة.
3-نوعية الصواريخ التي أصابت قسم كبير منها أهدافها وفق اعترافات إسرائيلية وفشل القبة الحديدية التي كلفت 3 مليار دولار.
4-الرسالة الساخنة حملت طابع عملية ردع للعدوان الصهيوني بشكل أقل من حرب.
5-انطلاق الصواريخ من الأراضي السورية تجاه الجولان المحتل أي أراضية سورية محتلة يعني أنها عمليات شرعية ومن حق الجيش العربي السوري القيام بذلك.
6-مسارعة الكيان لاتهام إيران يعني أنه مازال يريد جر الغرب نحو حرب شاملة على طهران.
7-هشاشة البنية الداخلية للكيان الصهيوني ومسارعة مسؤوليه لنفي رغبتهم بالتصعيد وبخاصة ماعبر عنه وزير الداخلية الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري المصغر آريه درعي إن إسرائيل “لا تريد حرباً ولا تهرول إلى معركة.
8-عدم تبني هذه العملية هو جزء مقصود من الحرب النفسية التي تخاض ضد الكيان الصهيوني لأنها أولاً تحرج حكومة هذا الكيان وتزيد من أزمة رئيسها وثانياً في حال لم يبلع كيان الصهيوني هذه العملية وقام بعدوان فأن جبهات المقاومة ستكون متعددة، وثالثاً هذه العملية ليست فقط رد على عنجهية الكيان بل عملية استباقية لما كانت تحضره حكومة الاحتلال من نوايا ومخططات عدوانية للمنطقة.
ما حصل فجر الخميس قد تكون مجرد رسالة أو جولة حادة من الاشتباك ومنعطف في سياق الصراع بين محور المقاومة والكيان الإسرائيلي وقد تخمد نيرانها سريعاً ضمن إطارها في حال فهم الكيان مضمونها ولكن في حال قيامه بمغامرة فأن الحدث والمفاجآت لن تنتهي.
ساعات حساسة ودقيقة تشهدها المنطقة وقد تتدحرج أفقيا نحو انفجار البركان في ظل صمت رسمي عربي اعتاد على التخاذل والتآمر على أشقائه العرب بل ذهب أبعد من ذلك في تغير مقارباته ضمن أولويات أمنه القومي باعتبار إسرائيل دولة شقيقة.
محمد نادر العمري..كاتب وباحث سياسي سوري