هوى الشام من هبا عبد الكريم عجيب

واقع قطاع الطيران والخسائر التي واجهها بظل جائحة “كوفيد _19” و القرارات الخاصة بعودة الحياة من جديد لهذا القطاع الحيوي.. محور حديثنا مع السيد منير خليفة، رئيس المنظمة الدولية لخدمات الطيران “إياسو” الذي التقيناه وأجرينا معه الحوار التالي..

1) بعد بدء تعافي الطيران ما هي الإجراءات التي يتوجب على الجميع الالتزام بها بظل استئناف هذه الرحلات في كثير من الدول العربية و الأجنبية ؟

* نحن في المنظمة الدولية لخدمات الطيران أجرينا عدة مشاورات حول تداعيات كورونا على قطاع خدمات الطيران والعاملين فيه ولقد واجهنا صعوبة بإيجاد توازن بين صحة المسافرين والعاملين في قطاع الطيران والسفر وتسهيل عمليات السفر للمسافرين وجعلهم لا يشعرون بصعوبة التنقل من مطار لآخر.
طبعا العملية ليست بالسهلة لأن الإجراءات خاضعة لنظم وقوانين تتدخل فيها عدة منظمات وجهات ، وأهم الإجراءات التي وصلت إليها منظمة الطيران المدني الدولي ( ICAO) واتحاد النقل الجوي الدولي ( IATA) ومنظمة الصحة العالمية ( WHO) هي كالتالي بمجرد فتح المطارات والحدود مرة أخرى، وتمكن الناس من الطيران مجدداً، فإن عادات الطيران كلها ستتغير على الشكل التالي: أولاً، عملية التحقق من الرحلات بالكامل ، والتي كانت تستغرق في السابق حوالى الساعتين إلى ثلاث ساعات في بعض المطارات ، قد تمتد بعد الأزمة إلى أربع أو خمس ساعات ، كون الإجراءات الجديدة ستتضمن الإبعاد والمسافات الاجتماعية ، تعقيم كامل للركاب والأمتعة، ومساحات أوسع للخطوط الجوية، ومساحات أكبر في صالات الإنتظار.

قبل صعود المسافر إلى الطائرة ، عليه أن يقوم بعملية تسجيل ذاتي (Self Check in)، إجراء اختبار دم فوري ، حمل حقائبه الخاصة للشحن ، منع الصعود إلى الطائرة من دون قناع على وجهه وقفازات في يديه ، إلغاء الحقائب الشخصية في مقصورة الطائرة ، وفرض وجود المواد التعقيمية بحوزته. وسوف يصبح الانتقال بين الرحلات الجوية أبطأ بسبب الحاجة إلى التعقيم الشامل للكبائن واتّباع الإجراءات الصحية في المطارات .

ثانياً “إجراءات السفر ستتغير بالكامل في الفترة المقبلة، بدءاً من اعتماد الحجز أونلاين وصولاً إلى تعقيم المسافرين وحقائب الأمتعة والتشدد في الإجراءات في الطائرات”.

ايضاً سوف تلعب التقنيات الرقمية دوراً حاسماً وضرورياً في مستقبل السفر الجوي، إذ سيتم تقليل “نقاط الاتصال” في المطارات، وستَعتمد بعض المطارات الإجراءات البيومترية، أي سيُسمح للركاب بالصعود إلى متن الطائرات بوجههم كجواز سفر ، وهذا بالفعل ما بدأت باعتماده بعض الخطوط الجوية في الآونة الأخيرة ، بما في ذلك الخطوط الجوية البريطانية خطوط “كانتاس” الجوية ، و”إيزي جيت” .
ووفقًا للمجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) ، فإن الوضع الطبيعي الجديد في المطارات الرئيسية ، مثل “هيثرو” و”JFK”و”سنغافورة شانغي” سيشمل الاستخدام الحصري لعمليات تسجيل الوصول عبر الإنترنت ، وعمليات الدفع اللاتلامسية . نصل الآن إلى التغييرات الجذرية التي ستضطر المطارات إلى إجرائها، ابتداءً من اعتماد أنفاق جديدة لتعقيم الحقائب ، ترسيم حدود المساحات للمسافة الاجتماعية في الممرات والصالات ، اعتماد مساحات أكبر لقوائم الانتظار، زجاج شبكي أو حواجز واقية لأقسام خدمة العملاء، محطات تعقيم لليدين في كل مكان، والمسح الحراري لفحص المسافرين بحثاً عن أية حالات مشتبه بها .

من جهتها ، تتنبأ شركة SimpliFlying لاستراتيجية شركات الطيران في تقرير حديث، أنه يتم تغيير أكثر من 70 منطقة في رحلة الركاب أو إجراء تعديلات عليها، كما تتوقع أن “يُسمح فقط للأشخاص” المناسبين بالدخول إلى مقصورة الطائرة، وذلك بعد نجاحهم في اعتماد جميع الإجراءات التي ذكرناها أعلاه.

بعد النجاح في الإجراءات السابقة، وعند الوصول إلى باب الطائرة، من المتوقع أن تشهد بعض الطائرات تخفيضاً في مقاعدها، حيث قد يتم ملاحظة مقاعد مقفلة غير معدّة للجلوس، تعقيم المسافر بالرش أثناء دخوله المقصورة، شكل جديد لطاقم الطيران بمعدات واقية، وبالطبع أقنعة على كل مقعد.أما بالنسبة للطعام، فإن الإتجاه هو التوقف عن تقديم الخدمة بالكامل على الرحلات القصيرة، في حين تنظر شركات الطيران في “المرطبات الخفيفة” للرحلات الطويلة. وبالفعل، فقد قررت شركة طيران هونغ كونغ اعتماد هذا الإجراء والتوقف عن تقديم الطعام تماماً. حتى مفهوم صالات الطعام في المطارات (Lounges) سيتغير، حيث لن يُسمح بالبوفيه بعد الآن، إنما سيكون الطعام موضباً في علب جاهزة، وكذلك الحال على متن الطيارة.

عند الوصول، من المتوقع أن يحتاج المسافرون إلى إظهار وثيقة تفيد بأن حالتهم الصحية جيدة وعلى ما يُرام ، كما سيخضع الركاب القادمون أيضاً لفحص درجة حرارة آخر في وجهتهم النهائية، وربما حتى للاختبارات الفورية.

تقوم بعض المطارات مثل هونغ كونغ وفيينا باختبار الركاب بحثاً عن فيروس كورونا عن طريق فحص الدم قبل السماح لهم بدخول البلاد .
كما يوصي اتحاد النقل الجوي الدولي IATA بإجراء اختبار حراري أيضاً، في حين قالت شركة الخطوط الجوية البريطانية، وإيزي جيت وفيرجن أتلانتيك، إن الفحص الفوري المسبق للمسافرين يجب أن يتم إجراؤه في وقت مبكر قبل الرحلة ، وتتوقع SimpliFlying احتمال إنشاء وكالة صحية اتحادية جديدة لتنسيق الفحوصات الصحية داخل المطارات . كما سيتم اعتماد بروتوكولات جديدة لتسجيل الوصول تتضمن التكنولوجيا الرقمية، محطات تعقيم اليدين في نقاط متكررة بما في ذلك مكان حمل الأمتعة، الدفع اللاتلامسي بدلاً من النقدي، استخدام السلالم أكثر من المصاعد طبعا هذه الإجراءات ليست ثابتة وستكون متغيرة حسب الأوضاع المستقبلية .

نحن نعلم أن أوضاع السفر للمسافرين قد تغيرت الآن وسوف تتسبب لهم ببعض الإزعاجات وأهمها هو زيادة وقت السفر عما كان عليه قبل كورونا.

ولكن أنا اعتقد أن بعد فترة سوف تصبح عملية السفر أسهل والوقت أقل وذلك لأن الأمر الآن جديد على كل مطارات العالم و بعد فترة سوف يصبح الأمر اعتيادياً وسهلاً و بوقت أقل.

أي شي جديد سوف يكون صعب في البداية ولكن مع مرور الزمن والمعرفة يصبح سهلاً واعتيادياً.

2) هناك تخوف من التصريحات التي صدرت بما يتعلق بارتفاع أسعار الحجوزات ، و هل سيتم دراسة عروض تشجيعية لعودة النشاط لقطاع الطيران؟

* نظراً إلى انخفاض أسعار الوقود بشكل كبير وانخفاض الطلب على الطيران لا أتصور أن أسعار التذاكر سوف ترتفع في الوقت الحالي وسوف تستمر الأسعار منخفضة حتى عودة سوق الطيران إلى وضعه الطبيعي . كما تعلمين أن السعر يحدده العرض والطلب ولأن الطلب على السفر متدني كثيراً وحسب آخر استطلاع أجرته كلوبال دلتا الأمريكية أن ٤٥ % من المسافرين يتخوفون من السفر لأسباب عديدة منها الحجر وإجراءات السفر ومدة السفر والأهم الخوف من العدوى.
هذه نسبة كبيرة للذين لايرغبون في السفر وبالتالي فإن الطلب سيبقى منخفضاً وبالتالي أسعار التذاكر لن ترتفع.

3) قطاع الطيران هو من القطاعات التي تعرضت لضرر اقتصادي كبير و قد تابعنا إعلان شركات طيران عالمية مثل شركة Flybe و هي من الشركات الكبرى و شركة Trans States Airlines و شركات أخرى في أستراليا و كولومبيا و تايلند برأيك هل تتوقع إفلاس شركات عربية بظل الوضع الراهن ؟ و في حال إفلاس شركات هل سيكون لدينا نقص في عدد الشركات ؟

*طبعاً قطاع الطيران من أكثر القطاعات التي تضررت بسبب جائحة كورونا وأكيد هناك العديد من الشركات التي أعلنت إفلاسها منها عربية وأجنبية والسبب هو التكلفة الإستثمارية والتشغيلية المرتفعة لشركات الطيران فأي شركة طيران لايمكنها الإستمرار دون الإعتماد على قروض البنوك او محافظ استثمارية لشراء طائرات ، لأن أسعارها مرتفعة جداً، ولهذا عندما توقف قطاع الطيران وتوقفت الطائرات لم يعد بإمكان شركات الطيران تسديد قروضها إلى البنوك هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن توقف الطائرات بالمطارات عليه رسوم تدفع إلى المطارات هذا عدا عن تكاليف الصيانة التي لا تتوقف بتوقف الطائرات ، لذلك هذا الأمر شكل عبء كبير على هذه الشركات وأعلن العديد منها إفلاسه ، ولكن هذا لايعني أن قطاع الطيران سوف يتأثر بإفلاس بعض الشركات لأنني كما ذكرت الطلب على الطيران مازال متدنياً ، والشركات الموجودة يمكن أن تغطي الطلب الحالي ، وفي حال ارتفع الطلب ستنشأ شركات جديدة لتغطي الطلب الجديد .

4) كم ستحتاج الشركات العربية من الوقت للتعافي بعد عودتها للعمل بظل اجراءات الحجر و التخوف من قبل البعض من الطيران ؟

*طبعا تحتاج شركات الطيران العربية والأجنبية إلى وقت للتعافي ، وهذا يعتمد على عدة أمور :
أولا ً إلى متى ستستمر هذه الجائحة ، و ثانياً إيجاد لقاح لكورونا ، وثالثا الحالة النفسية للمسافر واقناعه بان السفر بالطائرة آمن ولايوثر على صحته ، وبالتالي تعافي الطيران يحتاج إلى وقت ، وأنا أعتقد أنه يحتاج من ستة أشهر إلى سنة ليعود إلى ماكان عليه سابقاً.

5) كيف ستحاول الشركات التخفيف من خسائرها و خاصة أن الكثير من الشركات قامت بتقليص عدد العاملين لديها ؟

* خلال الفترة السابقة حاولت بعض شركات الطيران التخفيف من خسائرها فحولت بعض طائراتها من طائرات ركاب إلى طائرات شحن لتشغيلها وذلك بسبب الطلب الكبير على طائرات الشحن لنقل المعدات الطبية إلى الدول التي تحتاجاها. هذا الأمر خفف بعض الخسائر لهذه الشركات ، و أما الآن و بسبب التعافي البسيط الذي حصل لقطاع الطيران سوف تسعى الشركات لتخفيف المصاريف قدر المستطاع ، والعمل بالحد الأدنى من العالمين وزيادة التشغيل ما أمكن بانتظار التعافي الكامل لهذا القطاع .

6) ما رأيك بالقرارات التي وضعت لعودة السوريين إلى وطنهم مع العلم أننا تابعنا مخاطبتك منذ أيام لأصحاب القرار في الداخل السوري بما يخص إعادة النظر بمدة اختبار الPRC و طلبك بتعديل المدة من 24 إلى 48 ساعة ، و قد صدر قرار الفريق الحكومي المعني بإستراتيجية التصدي لوباء كورونا تعديل شروط الدخول الخاصة بالتدابير الإحترازية حيث يسمح للمواطنين السوريين العالقين في الخارج الدخول عبر المنافذ الحدودية الشرعية مع لبنان خلال 18 ساعة اعتباراً من توقيت إجراء اختبار (PCR) لدى المشافي اللبنانية المعتمدة من قبل وزارة الصحة … ما رأيك بهذا القرار ؟

* قطاع الطيران والسفر يواجه مشكلة في الإجراءات المتخذة من لجان الأزمات في الدول فهي تتخذ قرارات تصعب أمور السفر إلى هذه الدول ، وتغلق مطاراتها أو تصدر تعليمات صعب تنفيذها من قبل المسافرين ، ولهذا طالب نائب رئيس إياتا لمنطقة افريقيا والشرق الأوسط السيد محمد البكري إلى إلغاء الحجر الصحي الذي تفرضه الدول وإيجاد حلول سلامة بديلة و تخفيف الإجراءات المتبعة.

بالنسبة لسورية طبعاً أنا اختلف كثيراً مع من وضع قرار مدة تحليل PCR للكشف عن كورونا، فقد طلبت أغلب الدول أن يكون لدى المسافر لهذه الدولة نتيجة اختبار pcr حديثة (قبل موعد السفر بـ48 ساعة او ٧٢ ساعة كحد أقصى) ونفاجى أن سورية تطلب أن يكون الإختبار لم يمض عليه ٢٤ ساعة فقط ، ثم قبل يومين عدلتها لتصبح فقط ١٨ ساعة.

طبعا هذا أمر صعب جداً على المسافرين كون وقت السفر أصبح أطول ممّ كان عليه سابقاً وبالتالي سوف يضطر القادم إلى إجراء الإختبار مرة أخرى في لبنان ، علماً أن لبنان لاتسمح بدخولها إذا لم يكن لديه PCR صالح ، وهذا يعني أن القادم إلى سورية عن طريق لبنان سوف يجري الفحص مرتين ، وهو اختبار مكلف يتجاوز في بعض الدول ١٠٠ دولار ، فلماذا هذا التعقيد في الإجراءات للقادمين إذا كان بسبب الحرص الزائد فهل الدول الأخرى ليس لديها حصر ولاتخاف على مواطنيها . ونحن المنظمة الدولية لخدمات الطيران إياسو نحب أن ننوه إلى تجربة دولة الإمارات وخصوصاً إمارة دبي بفتح مطاراتها للسياح والزائرين وتأكيدها على سلامتهم من خلال أفضل الإجراءات الإحترازية التي تتبعها في كافة مطاراتها من أجل سلامتهم ونتمنى من بقية الدول أن تحذو حذوها .

7) ماذا توجه لكل الراغبين بالسفر بعد عودة حركة الطيران علماً أن لديهم مخاوف من السفر بظل جائحة كوفيد_19 ؟

* أنا أحب أن أشير هنا إلى أن شركات الطيران قد اتخذت كافة التدابير للحد ما أمكن من العدوى وخصوصاً داخل طائراتها من حيث الخدمة والإلتزام بمعايير السلامة القصوى ، وحتى إلزام الطائرات بتركيب فلاتر تصفية للجراثيم تصل إلى ٩٩% يمكن أن نقول أن الطائرة مثل غرفة العمليات بالمشافي من ناحية تنقية الهواء والعقامة.

وحتى المطارات أيضا بسبب الإجراءات الإحترازية المتخذة فيها للحفاظ على سلامة المسافرين .

لهذا أقول لمحبي السفر لا داعي للتخوف من السفر فالمطارات والطائرات آمنة لكم و لصحتكم ، وحتى هي أءمن من أي مكان آخر تذهبون إليه. ونحن لا نُنظِّر على المسافرين فأنا قبل يومين سافرت لأول مرة بعد انقطاع عن السفر دام لحوالي خمسة أشهر ، و لكن الانقطاع ليس بسبب الخوف من كورونا ولكن لتوقف الطيران.
نتمنى لجميع المسافرين الصحة والسلامة والسفر بأمان.