Featured

صحافي سوري ينشر كتاباً بحثياً يرصد فيه ظاهرة التسامح في الإمارات

خاص هوى الشام من سامر الشغري| التسامح قيمة عربية أصيلة وعريقة ولا أدل من أن العرب في جزيرتهم ومنذ أيام الجاهلية كانوا يستقبلون في حواضرهم جماعات بشرية من مختلف الأديان والأعراق، وحملوا معهم تلك القيمة الأخلاقية أينما حلوا، وما المجتمع الذي شادوه في الأندلس إلا مثال على ذلك.
واليوم في عصرنا الحديث تستعيد دولة الأمارات  العربية المتحدة تلك القيمة الإنسانية التي تعتبر ركيزة أساسية في حقوق الإنسان، فهذه الدولة تحتضن أكثر من 200 جنسية ما يجعلها من أكثر بلدان العالم تنوعا، وتبنت مجتمعاتها قيم التسامح حتى قبل التأسيس، وأعلنت مرارا التزامها بما ورد في هذا الخصوص من مواد في ميثاق الأمم المتحدة 1945 والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تكرس حرية الدين والمعتقد ونبذ التطرف والتعصب ومنع التمييز والعنصرية والكراهية، والأهم من ذلك أنها كانت أول دولة تنشئ وزارة للتسامح والتعايش منذ سنة 2016.
هذه القيمة المتأصلة في الإمارات والمساعي المستمرة لتعزيزها على غير صعيد، استحقت من الزميل الإعلامي والباحث السوري رفعت إسماعيل بو عساف أن يبذل جهودا في الدراسة والتوثيق لإجراء بحث معمق متخصص في عوالم التعايش والتناغم ضمن مجتمع الإمارات، في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان «التسامح في الإمارات..سيرة جديدة وضّاءة للأخوة الإنسانية شهادات وقصص بطلها الآخر».
الكتاب الصادر عن دار ميتافيرس بريس للنشر، يعرض فيه المؤلف أبرز شواهد تآلف وتقارب حضارات وأديان وثقافات المعمورة في الإمارات، وأهم المقومات التي أهلتها لتكون نموذجاً دولياً يقتدى في هذا الصدد، وعلى رأسها: تجذّر التواصل والانفتاح في المجتمع، تمسك قادة الإمارات بالقيم الإنسانية، سماحة أهلها واتسامهم بالوسطية والاعتدال، المشروعات والمبادرات التي ترسخ التسامح محلياً وعالمياً (مثل : وثيقة الأخوة الإنسانية والمعهد الدولي للتسامح والأعمال والمبادرات الخيرية المتنوعة).
ويتضمن الكتاب، الواقع في 411 صفحة، أربعة أبواب رئيسة، وخاتمة تضم مقترحات وتوصيات للمؤلف يجمل فيها عبر مشاهداته ومعايشاته في الإمارات طوال أكثر من 20 عاماً، وفي ضوء خلاصات أبحاثه الخاصة بالدراسة، مصادر وينابيع التسامح في مجتمع الإمارات، مبيناً الأبعاد والجذور التاريخية لحكاية التسامح في هذي الأرض، في المحطات والأزمان كافّة، طبقاً  لأسانيد وتدوينات تاريخية جليّة، ويستعرض المؤلف عقبها، مساعي وبرامج دولة الإمارات في تعزيز التقارب بين الأديان وأطياف الإنسانية.. وإطفاء أزمات الهُويات، واستئصال أسباب الصراعات المذهبية وقطع دابر التعصب.
ويدرس المؤلف في الكتاب ويحلل تجليات التسامح والتعايش في ميادين الحياة بالإمارات: المجتمعية والصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقانونية والإعلامية.  ويقدم، أيضاً، جملة شهادات وإشادات لأبرز السياسيين ورجالات الدين والبحاثة والكتّاب والمبدعين والمفكرين، في عالمنا، حول ثراء الإمارات بقيم الانفتاح والتعايش والتواصل، ومنهم: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نجم الكرة الارجنتيني دييغو مارادونا، الروائي البرازيلي باولو كويلو، نجم بوليوود شاروخان، عالم النفس والباحث الكندي البروفيسور إدوارد دينر.
ويفرد الكتاب محطات موسعة لشرح جهود الدولة في الامارات ومبادراتها لتمكين وتقوية مرتكزات التسامح والتآخي الإنساني داخل البلاد وخارجها، ضمن مشروعات ترصد لها ميزانيات ضخمة، تطال أصقاع الأرض قاطبة ولا  تميز بين دين أو إثنية أو طائفة.
ويحفل الباب الرابع في الكتاب، الموسوم  “حوارات وسيمفونية”، بحوارات، مع رجال دين ومسؤولين ومثقفين وأطباء وإعلاميين ومهندسين ومبدعين، بعضهم يقيم في الإمارات منذ أكثر من 60 عاماً، يروون فيها حقائق ومواقف عديدة، بشأن التسامح في هذي البلاد وواقع انفتاح المجتمع وقبوله الآخر المختلف ورسوخ التعايش والمحبة فيه.
وتضم قائمة المحاورين: أحمد الحَدَّاد- مفتي دبي وعضو «مجلس الإمارات للإفتاء»، بول هيندر-أسقف الكنيسة الكاثوليكية في جنوب شبه الجزيرة العربية (2004-2022م)، راجو شروف رئيس معبد سندي غورو دربار الهندوسي، حمّود الحناوي- شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، سوريندر سينغ كاندهاري- رئيس معبد «غورو ناناك دربار السيخي»، عشيش بروا- مسؤول «المركز الاجتماعي البوذي» في الشارقة، إيان فيرسرفيس- الشريك المؤسس ورئيس تحرير «موتيڤيت ميديا غروب»، زليخة داود- أول طبيبة نسائية في الإمارات (1964م)، بيتر هارادين- الرئيس  السابق لـ«مجلس العمل السويسري»، راميش شوكلا- أحد أقدم المصورين في الإمارات.
وفي محطة الختام، يقدم رفعت بو عساف، جملة مقترحات تخص موضوع التسامح في الإمارات، بينها: إنشاء مراكز ثقافية إماراتية في دول العالم بمجملها تعكس غنى الإمارات بقيم التسامح وثرائها الثقافي والجمالي، تنظيم مهرجان سنوي بعنوان (التنوع الثقافي في الإمارات)،  تعزيز صيغ الاندماج الثقافي بين طلبة الجامعات، إطلاق قناة تلفزيونية متخصصة بالتعايش والتنوع الثقافي.
Hawa Admin

Recent Posts

سوريا بعد التحرر من نظام الأسد .. قراءة في المشهد

خاص هوى الشام | إعداد : يسرا القرعان | مشهد ما كان بالإمكان تخيل حدوثه،…

4 أيام ago

رواد العوّام.. روائي وناقد ومؤسس منصة جدل لرفع المحتوى الثقافي في المكتبة العربية

هوى الشام من وسام الشغري | إذا كانتْ كل الدروب تنتهي إلى روما فإن كلّ…

6 أيام ago

الفنان الكبير موفق بهجت يعلق على مشاهد الفرح الشعبي بسقوط نظام الأسد

خاص هوى الشام من سامر الشغري | في حديثه إلى أصدقائه المقربين عبر سنوات، كان…

أسبوع واحد ago

اتحاد الكتاب العرب في سورية يضع نفسه تحت تصرف الحكومة الانتقالية

هوى الشام| بمناسبة بزوغ فجر الحرية الذي بسط شمس الخير والسلام والمحبة فوق ربوع وطنٍ…

أسبوع واحد ago

أزمة اقتصادية جديدة والمواطن السوري يتكبد نتائجها

هوى الشام| في ظل الأوضاع الميدانية الراهنة بدأت تلوح في الأفق أزمة اقتصادية جديدة وبدأت…

أسبوعين ago

الهزيمة الثانية لريال مدريد في الليغا

هوى الشام| تعرض فريق ريال مدريد لهزيمة مؤثرة أمام مضيفه أتلتيك بيلباو (1-2) في المباراة…

أسبوعين ago

We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website.