أعدت وأصدرت أجهزة المخابرات الأميركية قبل أيام ما يسمى بـ”التقرير النهائي” حول تتبع مصادر فيروس كورونا المستجد، وترى فيه أن المعلومات المتوافرة تشير إلى عدم استبعاد احتمالين، أي ظهور الفيروس من الطبيعة أو تسلله من المختبر، كما وجهت افتراء على الصين متهمة إياها بأنها عرقلت التحقيق الدولي ورفضت تشارك المعلومات وانتقدت الدول الأخرى.
إن التقرير المذكور تقرير سياسي وكاذب من بدايته إلى نهايته، ولم يقدم أي دليل موثوق به، وهو لا يتمتع بأي طابع مصداقي وعلمي.
يعد تتبع مصادر فيروس كورونا المستجد مسألة علمية، يجب البحث فيها من قبل العلماء وحدهم دون غيرهم بدلاً من خبراء المخابرات، في الوقت الراهن، تقف الولايات المتحدة في مقدمة الدول القوية في العالم، غير أن أداء جهازها الاستخباري في الصف الثالث، لم يظهر أي مهنية كما أنه لا يهتم بمهنته الأساسية.
في هذا السياق، انسحبت القوات الأميركية بسرعة وذعر من أفغانستان، مما أدى إلى انقلاب الوضع فيها، وحلت أجهزة المخابرات الأميركية محل صاحب الشأن لتتبع مصادر الفيروس الذي يقدر عليه العلماء دون غيرهم.
إن الجهاز الاستخباري الأميركي هو الذي لفق ونشر الأكاذيب والمعلومات المزيفة، ويبدو أن هذه اللعبة الأميركية ليست جديدة بالنسبة لدول الشرق الأوسط، على سبيل المثال، اتخذت علبة صغيرة من مسحوق الغسيل كدليل على حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، وأخرجت ومثلت وصورت مع “الخوذ البيضاء” ما يسمى بـ”الهجوم الكيميائي” في سورية.
في الحقيقة إن ما فعلته الولايات المتحدة من تسييس تتبع مصادر الفيروس وتوجيه الاتهام إلى الصين، يقف وراءه أهداف واضحة، وهي تشويه صورة الصين واحتوائها وعرقلة عملية التحديث فيها باستغلال مسألة تتبع مصادر الفيروس، لكن اللعبة الأميركية ستبوء حتماً بالفشل أمام الحقائق الثابتة والعزيمة الصلبة للشعب الصيني.
في الحقيقة، الولايات المتحدة هي بالضبط من لا تلتزم بالشفافية والمسؤولية والتعاون في مسألة تتبع مصادر الفيروس، إذ إنها لا تزال ترفض الرد على الشكوك المعقولة للمجتمع الدولي حول مختبر فورت ديتريك، وأكثر من 200 قاعدة بيولوجية في خارج البلاد محاولة التستر على الحقائق والتنصل من المسؤولية، كما حدث الالتهاب الرئوي المرتبط بالسجائر الإلكترونية على نطاق واسع في ولاية ويسكونسن تموز عام 2019، وكانت أعراضه متشابهة للغاية مع أعراض الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد.
أشار تقرير في موقع معهد البحث الصحي الوطني الأميركي، إلى أن الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجدة في 5 ولايات أميركية ظهرت قبل كانون أول عام 2019، وقد أصبحت الولايات المتحدة من أكثر المناطق تعرضاً للجائحة في العالم، حيث تحاط بها العديد من الشبهات، وينبغي على الولايات المتحدة تقديم جواب للعالم كله.
في ظل إجماع المجتمع الدولي على مكافحة الجائحة بالتضامن والتعاون، ولم تحظ ممارسة الولايات المتحدة بتسييس تتبع مصادر الفيروس بالتأييد، بل قوبلت بالرفض الدولي الواسع.
منذ فترة، أعربت سورية وغيرها من 80 دولة عن رفضها لتسييس مسألة تتبع مصادر الفيروس، عبر بعث الرسائل إلى المدير العالم لمنظمة الصحة العالمية وإصدار البيانات والمذكرات، كما طالبت بالحفاظ على تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية.
قدمت أكثر من 300 حزب ومنظمة اجتماعية ومؤسسة فكرية من 100 دولة ومنطقة بياناً مشتركاً تحت عنوان “رفض تسييس تتبع مصادر الفيروس”، إلى أمانة منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى ذلك، وقّع أكثر من 25 مليون مستخدم للإنترنت في الصين على رسالة علنية طالبوا فيها بفتح تحقيق لمختبر فورت ديتريك الأميركية، وهي من المطالب العادلة لشعوب العالم.
تشاطر الصين رغبة دول العالم في كشف مصادر الفيروس في أسرع وقت ممكن باعتبار كلاهما ضحية للجائحة، كما تهتم وتشارك الصين بنشاط في التعاون العلمي لتتبع مصادر الفيروس، وتلتزم بمبادئ العلم والانفتاح والشفافية، ودعت خبراء منظمة الصحة العالمية مرتين لإجراء البحث حول مصادر الفيروس.
في بداية هذا العام، تشكلت فرقة الخبراء المشتركة من الخبراء الصينيين والدوليين، وأجرت البحث، و استمرت الزيارة لـ28 يوما، كما تم إصدار تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، وتوصلت إلى استنتاج مصداقي ومهني وعلمي، بما أرسى أساساً جيداً للتعاون الدولي في تتبع مصادر الفيروس.
يعد الفيروس السياسي عدواً مشتركا للبشرية مثل فيروس كورونا المستجد، ويجب على الجانب الأميركي إدراك أن تسييس تتبع مصادر الفيروس لا مخرج أمامه، ومن اللازم الوقف الفوري للتصرفات التي من شأنها إفساد جو التعاون الدولي لتتبع مصادر الفيروس والوحدة العالمية لمكافحة الجائحة، ويجب تتبع مصادر الفيروس بالاعتماد على العلم، والعودة إلى الطريق الصائب المتمثل في تتبع مصادر الفيروس علمياً، ومكافحة الجائحة عبر التعاون.
يحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي بما فيها سورية، للحفاظ على الأجواء الجيدة للتعاون الدولي لمكافحة الجائحة، ورفض تسييس مسألة تتبع مصادر الفيروس بشكل قاطع، بما يحمي سلامة وصحة شعبي البلدين وشعوب العالم.