الذكاء الاصطناعي، وتأثيراته على المستقبل
الذكاء الاصطناعي

هوى الشام| يحاول المتابعون اليوم التنبؤ بماهية مستقبل مسار الذكاء الاصطناعي فيما إذا كان يشكل محاكاة العقل البشري أو أنه سيحل مكانه بشكل كامل وتتلاقى الآراء إلى حد كبير في أهمية الانفتاح على هذه التقنية وفق ضوابط ومحددات تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

ما هو مفهوم الذكاء الاصطناعي؟

الإعلامي والخبير بالمحتوى الرقمي حسين الإبراهيم يقول في حديث لنشرة سانا الشبابية: إن الذكاء الاصطناعي واحد من مجالات الحوسبة التي تهتم بتصميم وتطوير أنظمة وبرامج تقوم بمحاكاة الذكاء البشري، بهدف إنشاء أنظمة وبرامج قادرة على العمل بشكل ذاتي بناءً على البيانات والمعلومات المتاحة لها، بدلاً من الاعتماد على التدخل البشري.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على العديد من التقنيات والأساليب، مثل تعلّم الآلة، والشبكات العصبية، والتعرف على الصوت والصورة، والروبوتات الذكية، واللغة الطبيعية، والتعلم العميق، والتعلم الآلي، وغيرها من التقنيات التي تستخدم في مجالات عدة، مثل التجارة الإلكترونية، والروبوتات، والطب، والتعليم، والأمن، والتحليل البياني، والترجمة الآلية.

وعن كيفية تهيئة المجتمع لاستيعاب معطيات الذكاء الاصطناعي، رأى الإبراهيم أن ذلك يتطلب استيعاب مجتمعنا لمعطيات الذكاء الاصطناعي إعداداً مناسباً وتعاوناً شاملا بين الجهات المختلفة، بالتركيز على التوعية والتثقيف بأهمية التعلم والاستفادة من التقنيات الذكية، وتوضيح فوائدها وتحدياتها، إضافة إلى تطوير القدرات والمهارات للاستفادة من هذه التقنيات، وذلك عبر التدريب والتعليم المستمر وتشجيع الاهتمام بالمواضيع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات.

كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على مجالات العمل الإعلامي؟

يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على مجالات الإعلام، ويتيح إمكانية تحسين العمل الإعلامي وزيادة كفاءته حسب الإعلامي الابراهيم، ففي الصحافة يمكنه أن يساعد الصحفيين في تحليل البيانات والمعلومات بشكل أسرع وأدق، وتوليد تقارير محللة ومفصلة عن الأحداث الجارية، كما يمكن استخدام التعلم الآلي لتحديد الأخبار الأكثر اهتماماً للجمهور وتعزيز الرؤية الإعلامية للمؤسسات.

أما في التلفزيون فيرى الإبراهيم أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحسين تجربة المشاهدة، عبر تحليل ميول المشاهدين وتوصيات البرامج والأفلام المناسبة لهم، كما يمكن استخدام التعلم الآلي لتوليد محتوى إعلامي مخصص لكل مشاهد، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي يساعد في تحسين الإنتاج الإعلامي وتوفير الوقت والجهد، بشكل أكثر دقة وسرعة.

وعن إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان الصحفيين في المستقبل اعتبر الإبراهيم أنه لا يمكن نهائياً حتى في المستقبل. فعلى الرغم من قدرات الذكاء الاصطناعي إلا أن الصحافة تتطلب الكثير من المهارات والخبرات البشرية التي لا يمكن الاستغناء عنها.

وقال الإبراهيم: “إنه يمكن للصحفي مواجهة التحديات التي فرضها الذكاء الاصطناعي من خلال التدريب والتعليم المستمر والاحتفاظ بالأخلاقيات الإعلامية أثناء استخدام التطبيقات الذكية إلى جانب التركيز على القصص الإنسانية في التقارير والأخبار، وتوجيه التطبيقات الذكية لتحليل الأحداث والظواهر التي تؤثر على الحياة اليومية للأفراد.”

أهمية تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي في مرحلة الطفولة

المدرب ميلاد نداف مدير أكاديمية جينيوس وفي سؤال عن أهمية التوجه لاهتمام الأطفال بالذكاء الاصطناعي قال: “إن أي شيء جديد ومتطور ينتشر في العالم يجب أن نستقطبه ونتوجه إلى القاعدة العلمية لذلك سعينا لتكون البداية من الطفولة إلى المرحلة الجامعية؛ لنعلم الأطفال استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل منطقي، مثل تعليم الروبوت على رسم الأبنية أو الطرقات أو جعله يقوم بمهام تخدم الناس، وأنواع المتحكمات وأن نعلمه كيف يصنع الحلول، وأساليب التعليم تختلف من عمر الى آخر.”

وأشار النداف إلى أهمية نشر التثقيف والوعي في المجتمع وتهيئته لمعرفه الذكاء الاصطناعي، مبيناً أن أكاديمية جينيوس بالتعاون مع المؤسسات الرسمية وبعض المدارس الخاصة تقيم دورات مجانية وشبه مجانية في تعليم صناعة الروبوتات وبرمجتها.

ويرى المدرب نداف أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الهندسية يكون بالطاقة البديلة والعنفات الريحية؛ كما يستخدم في مؤسسات الدولة، مثل التعرف على وجوه الأشخاص عن طريق “الداتا”.. أيضا أرقام السيارات الممنوعة من الدخول، وله استخدامات طبية هائلة، مثل إجراء العمليات الدقيقة التي تحتاج إلى ساعات طويلة.

آراء تتحدث عن تأثير الذكاء الاصطناعي على حياة البشر..

قالت الدكتورة ندى الساعي في كلية الإعلام جامعة دمشق: “إن تجربة الذكاء الاصطناعي تتمتع بإيجابيات عديدة منها الدقة والسرعة والتنوع في المعلومات، لكنه لا يخلو من بعض كالاستغناء عن الطاقات البشرية في عدة مجالات ومنها الإعلام.”

ولفتت الساعي إلى أن استقبال الذكاء الاصطناعي حتمي في مجتمعنا وعلينا أن نكون منفتحين على استخدام الذكاء الاصطناعي، معتبرة أن التجربة كفيلة بمنحنا تصورا حقيقيا تجاه هذا التطور الجديد مما سيكسبنا نضجا ومناعة.

وعن ضوابط وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، قالت المحامية يارا حيدر في حديثها عن الضوابط التي يجب اتباعها عند استخدام الذكاء الاصطناعي: “هذه المسألة تتعلق بالضوابط الأخلاقية.. وهي مسألة معقدة للغاية، مشيرة إلى أن الأخلاق تختلف من آلة إلى أخرى حسب تصميمها؛ وهنا تقع المسؤولية على من يضع الخوارزمية داخل الذكاء الاصطناعي أو الروبوت عليه أن يحترم الطبيعة البشرية، وأيضا التزام الشفافية الكاملة في تقييم الخوارزميات، والكشف عن تفاصيل عملها.”

بدورها، تحدثت رزان حيدر طالبة في كلية الحقوق عن تأثير الذكاء الاصطناعي في النظام القضائي، قائلة: “سيكون للذكاء الاصطناعي دور فعال في القضاء، حيث سيخفف الأعباء عن النظام القضائي، كما أنه سيقوم بجمع المعلومات بشكل صحيح والقيام بمقابلة مع العملاء وتسجيل ردود أفعال المجرمين ومقارنة كلامهم في الوصول إلى أفضل نتيجة.”

المهندسة المدنية غيداء الصفدي قالت: “الذكاء الاصطناعي ليس حديث العهد، لكن انتشاره في الآونة الأخيرة، وخاصة في البلدان النامية ظنه الكثيرون وليد اللحظة، ويجب أن نعرف المجتمع به والتوعية بآثاره الإيجابية والسلبية، وتحفيز المجتمع ليكون عنصرا فعالا لا متلقيا فقط.”

وأضافت الصفدي: “لا يمكن الانعزال عن كل ما يحصل من تطور يحدث في العالم فالمتأخرون هم الخاسرون؛ أصبح الذكاء محاطا بنا في كل مناحي الحياة اليومية كاستخدامه في القطاعات الحيوية، مثل الإسكان والرعاية الصحية والتعليم العالي؛ ومن المتوقع أيضا تأثيره في مجال التعليم للوصول إلى أفضل النتائج بأفضل سرعة.”

أما عن كيفيه التعامل مع تأثير الذكاء الاصطناعي فترى الصفدي أن هذه ليست مهمة الفرد، بل هي مهمة جماعية متكاملة بين أفراد المجتمع وبين الحكومات والدول للحد من آثاره السلبية وتعزيز الإيجابية ما يعود بالفائدة على الجميع.

المعلمة رهف الشحادات تحدثت عن تأثير الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم قائلة: “لقد تطور الذكاء الاصطناعي بشكل متسارع، وهذا سيساعد الطلاب والمعلمين على تحسين أتمتة مهام التعليم والتدريس وجعلها تتزايد، وسينتقل التعليم من الإطار التقليدي إلى مزيج من الروبوتات والذكاء الاصطناعي وسيساعد المعلمين على اختصار وقتهم، إضافة إلى وجود الروبوت المعلم يعالج مشكلة نقص الكادر التدريسي.”

ولفتت إلى أنه يجب دمج عمل المدرس مع عمل الآلة لكي لا نلغي العلاقات الاجتماعية يكون العمل متكاملا بين المدرس والطالب والروبوت.

بدورها، مدرسه المعلوماتية ازدهار الطرابلسي قالت: “إنه يقوم بالوظائف المعقدة كالتعليم والتخطيط وحل المشكلات، والهدف منه تحسين أداء المؤسسات وإنتاجها، من خلال أتمتة المعلومات أو المهام التي تتطلب قوة بشرية، وهذا يعود بمزايا كبيرة على الحكومات والدول.”

وأضافت: “يجب أن نعرف مجتمعنا بآثاره من خلال إقامة الندوات التوعوية التي تتحدث عن ايجابياته وسلبياته، وتوعية جيل الشباب عن مفهومه لأنه الشريحة الأكثر فاعلية في المجتمع والأكثر استهدافا.”

ولدى الموظفة إيفا رمضان رأي مماثل حيث ترى أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير في حياتنا في مختلف المجالات كالطب والتعليم والتسوق والحياة اليومية، وله العديد من الإيجابيات كتحسين كفاءة العمل وتوفير الوقت والجهد، وسيكون له تأثير أكبر بكثير مما أحدثته ثورة الكومبيوتر والإنترنت.

المصدر: سانا – مرام قباقبلي