هوى الشام| على امتداد أراضي وجرود بلدة قارة بريف دمشق يسحرك منظر حبات الكرز المتدلية بين أغصان وأوراق الشجر ولا سيما مع انعكاس ضوء الشمس عليها والتسبب بلمعانها حتى تشعر برغبة للوقوف والمشاركة بموسم قطافها مع الأهالي المجتمعين حول الأشجار.
تبادل الحكايا والقصص والتسامر وأصوات الضحكات يرسم لوحة موسم قطاف ثمار الكرز الذي انطلق منذ عدة أيام في بلدة قارة وهو ما أكدته السيدة جميلة أحمد زكريا بقولها “عندما نجتمع للقطاف نقوم بطهو الأكلات الشعبية المعروفة بمشاركة الأصدقاء والجيران ونتذكر الأيام الجميلة التي قضيناها في مواسم القطاف السابقة والمواقف المضحكة التي مررنا بها”.
وبلغتها البسيطة وابتسامتها العفوية تتحدث السيدة جميلة لكاميرا سانا أثناء تواجدها بين شجيرات الكرز ومعاينتها لحجم ولون الحبات “أشجار الكرز مثل أولادي نرعاها ونربيها حتى تكبر وتثمر.. هي جزء من حياة الناس وتحقق أمانيهم بعد بيع المحصول” وتابعت ” نحزن عندما يكون الموسم غير جيد ونفرح عندما يكون وافراً ولو كان التعب أكبر.. ننتظره كل عام بشغف وحب”.
موسم القطاف يحمل في طياته أيضاً حالات وطقوساً اجتماعية اعتاد الأهالي عليها وفق حنيفة الحجي التي أشارت إلى أن نتيجة اجتماع العائلات للعمل والتعارف أكثر يسعون إلى خطبة الشباب والبنات حيث حدثت عدة حالات زواج لاحقاً بعد مواسم القطاف لافتة إلى أن الجميع يعمل على حماية شجرة الكرز والتوسع في زراعتها وهذا الموسم مبشر والناس سعداء فيه وفق تعبيرها.
ولا يتخلف أحد من عائلة العم عبد الله الحاجي والمكونة من أربعة شباب وخمس بنات عن موسم القطاف في الجرود والذي يعد فرصة لاجتماعهم والتعاون فيما بينهم بالإضافة لكونه مصدر دخل إضافيا يسهم في تحسين واقعهم المعيشي.
ووفق العم الحاجي فإن الكثير من المزارعين عادوا إلى زراعة الأراضي بالكرز والتوسع بها والعناية بالأشجار بعد خروج التنظيمات الإرهابية من المنطقة وتأهيل الأراضي التي خربها الإرهابيون.
وللأطفال حصتهم في موسم القطاف ولكنهم يقضون اوقاتهم بطريقة مختلفة عن الكبار وكثيراً ما تراهم في أعلى الأشجار يمرحون من جهة ويساعدون أهاليهم من جهة أخرى ومنهم الطفل علي خالد الحوراني الذي أكد أنه يشارك عائلته بالعمل ويقطف الثمار بلطف وعناية خوفا من أن تصاب بأذى معرباً عن حبه الشديد لشجرة الكرز لأنها صديقته حسب وصفه وينتظرها كل عام بشغف.
زراعة الكرز في بلدة قارة بدأت منذ عام 1976 بخطوات خجولة حتى ازدهرت بين أعوام 1990 و2010 وفق تصريح رئيس الجمعية الفلاحية المتعددة الأغراض المهندس محمد بدران لمندوبة سانا مبيناً أن شجرة الكرز تعتبر عزاً للأهالي لأن الأراضي في السابق كانت قاحلة أما الآن فهي أراض غناء بكل معنى الكلمة مشيراً إلى أن ما يميز كرز قارة الطعم والشكل وحجم ولون وقساوة الحبة حيث أن 90 بالمئة من الإنتاج هو للتصدير.
وتبلغ مساحة الأراضي المشجرة في قارة 6 آلاف هكتار ويصل أعداد أشجار الكرز إلى مليون و250 ألف شجرة بينها مليون شجرة مثمرة يتراوح إنتاجها بين 5و6 آلاف طن في الموسم ويعمل فيها جميع الأهالي إضافة إلى تشغيل أيد عاملة تتجاوز سنوياً الألف شخص خلال الموسم حسب المهندس بدران مبيناً أن جزءاً من الإنتاج يصنع منه مربى الكرز والزبيب كمونة للمنازل.
واعتبر المهندس بدران أن أسعار الكرز لا تتناسب مع التكلفة كون أجرة اليد العاملة والفلاحة والرش مرتفعة جداً مشيراً إلى أن الجمعية تقدم جزءاً من لوازم الإنتاج للمزارعين وتسهل عملية وصولهم إلى الحقول لكن لا بد من توفير آليات لاستصلاح نحو 2000 هكتار وزراعتها بالكرز وجرارات لتأجيرها للمزارعين كون آجار الجرارات في القطاع الخاص مرتفعة إضافة إلى ضرورة توفير مادة المازوت وتزفيت الطرقات الزراعية التي دمرها الإرهابيون كون الغبار يؤثر سلبا على ثمار الكرز وتصبح غير صالحة للتصدير.
وتتنوع ثمار الكرز في ألوانها بين الأحمر الداكن والأصفر المحمر والأسود ومن أشهر أنواعها شجرة البينج ولامبرت ونابليون وبلاك تارتين وريفرتشون ورينير واللينك والبلدي “الكرز المهجن”.
المصدر: سانا
(( تابعنا على الفيسبوك – تابعنا على تلغرام – تابعنا على انستغرام – تابعنا على تويتر ))