احد أعمدة الفن السوري الذي حمل على أكتافه عبء الدراما السورية منذ بداية الستينيات وحتى فجر الثمانينيات، وهو من أصول كردية . ربما لا يعلم كثيرون أن نهاد بدأ حياته موظفاً ثم ما لبث أن ترك عمله ليشارك في مسرحية البرجوزاي النبيل مطلع الستينيات، ثم التقى بعد ذلك تؤامه الفني دريد لحام الذي كان منهمكا بتقديم شخصية كارلوس التي لفت الانظار اليه بعض الشيء، ولكن نهاد الذي كان يمتلك حساً فنياً دخل بقوة عالم الفن الواسع.
حسني البورزان.. شخصية رافقت حياة وذاكرة أجيال عربية عدة، بما تحمله من بساطة وحب وطيبة ووقوع في شرك احتيال غوار الطوشة وهاتان الشخصيتان غوار وحسني أو دريد ونهاد اللتان رسمتا تاريخ الكوميديا في التلفزيون العربي السوري منذ بداياته كانتا أكثر من مجرد عمل تلفزيوني أو قصة فكاهية دخلت كل منزل في سورية وربما في الوطن العربي فقد لخصا الذاكرة الإبداعية الفنية وكانتا عنوان تاريخ الفن التلفزيوني والسينمائي والمسرحي السوري حتى أن البعض أطلق على هذا الثنائي بأنه المقابل العربي للوريل وهاردي الثنائي الكوميدي الغربي. نهاد قلعي الخربطلي مواليد دمشق 1928 صاحب الحظ العاثر في الفن وفي الحياة برزت موهبته باكراً ولفتت الأنظار إليه وجعلته يحلم بالفن ويتجه إلى دراسته في مصر إلا أنه عندما قرر الالتحاق بمعهد التمثيل في القاهرة قبل سفره بأيام تعرض للمقلب الأول من الحياة بسرقة نقود سفره مما أجبره على ترك السفر والعمل في دمشق.
عمل في بداية حياته المهنية مراقباً في معمل للمعكرونة ثم ضارباً للآلة الكاتبة في الجامعة ونقل بعد ست سنوات من العمل إلى وزارة الدفاع واستقال بعدها ليعمل مساعداً لمخلص جمركي طوال خمس سنوات إلى أن عمل لحسابه الخاص.
انتسب نهاد إلى استديو البرق سنة 1946 وشارك بتقديم مسرحية «جيشنا السوري» وفي عام 1954 أسس النادي الشرقي مع سامي جانو والمخرج خلدون المالح وراح يقدم في المسرحيات أدوارا كوميدية مثل «لولا النساء» و«ثمن الحرية» على مسارح دمشق والقاهرة حيث حاز النجم على إعجاب المسرحيين المصريين وبدأت نجوميته بالتصاعد.
لم يستقر نهاد في العمل الفني إلا مع إنشاء التلفزيون العربي السوري عام 1960 حيث عمل مع دريد لحام ومحمود جبر بمجموعة من البرامج الخفيفة كان أولها «سهرة دمشق» ثم الأوبريت المسرحي «عقد اللولو» الذي حوله المنتج نادر الأتاسي إلى فيلم سينمائي ثم شارك قلعي في مسلسل «رابعة العدوية» مع المخرج نزار شرابي كانت البداية التلفزيونية الأهم للنجم في مسلسل «حمام الهنا» مع دريد لحام ورفيق سبيعي وإخراج فيصل الياسري حيث تكرست فيها شخصية حسني وغوار ثم تكررت بعده الأعمال التلفزيونية والسينمائية مثل أفلام:
وكانت هذه الأعمال بمثابة أيقونة فنية دخل فيها قلعي ولحام كل بيت وعملا مع كبار النجوم العرب مثل نجلاء فتحي وشادية وناديا لطيف وغيرهن.
وعلى صعيد المسرح يعتبر نهاد قلعي المؤسس الحقيقي للمسرح القومي في سورية وذلك عندما عهدت إليه وزارة الثقافة والإرشاد القومي مهمة تأسيس المسرح القومي وإدارته عام 1959 فقد قدم عدة مسرحيات منها: – مسرحية (المزيفون) عام 1960عن نص لمحمود تيمور وإخراج نهاد قلعي – البرجوازي النبيل، – مدرسة الفضائح وهي أيضاً من إخراجه.
كان قلعي بجدارة العقل المفكر الأساسي الذي مهد لنهضة التلفزيون والمسرح والسينما في سورية فإبداعه في مجال الإخراج والتمثيل والكتابة وإدارة المؤسسات الفنية جعلته عراباً حقيقياً لهذه المجالات التي استطاع من خلالها بجهده الذاتي وجهد بعض الرفاق تشييد الخطوات الأولى للفن في سورية تلك الخطوات التي ما زالت هي الأهم رغم تطور الفنون جميعاً والتي ما زالت ماثلة حتى يومنا كانت الأعمال المسرحية الأهم في تاريخ قلعي هي: – ضيعة تشرين، – مسرح الشوك، – غربة التي قدمت على كبرى مسارح الوطن العربي.
وكانت غربة آخر أعماله والتي تعرض فيها لحادث أليم أقعده وأبعده عن العمل الفني ليلجأ إلى كتابة مسرحيات وقصص الأطفال إلى أن توفي في السابع عشر من تشرين الأول عام 1993 بعد عزلة لم يخترها.
وبعد وفاته بسنوات أطلق اسمه على حي في منطقة المهاجرين تكريماً له.