هوى الشام
يمكننا تقدير عدد المدخنين من ذكور وإناث في سورية بنحو 1.95 مليون، وذلك بناء على تقديرات المكتب المركزي للإحصاء.
منظمة الصحة العالمية، قدّرت نسبة المدخنين بين الشباب في سورية بنحو 20 بالمئة، وهذه آخر إحصائية متوافرة، وتعود للعام 2008، في تقرير الصحة العالمية، علماً بأن التغير في هذه النسب محدود نسبياً، على حين يعرض الموقع الرسمي لمنظمة (أطلس التبغ) مجموعة تقديرات حول سورية، حديثة نسبياً (تضم بيانات من العام 2013 وحتى 2016) تفيد بأن نسبة المدخنين ممن تتجاوز أعمارهم 15 عاماً تبلغ 21.18 بالمئة من الذكور، و8.5 بالمئة من الإناث، إضافة إلى نسب محدودة جداً تتعلق بالمدخنين بين 10 إلى 14 عاماً.
إذاَ، لدينا 1.95 مليون مدخن في سورية، وفق التقديرات، علماً بأن الواقع قد يشير إلى رقم أكبر من ذلك، لكن سنعتمد على هذا الرقم كمؤشر مسند إلى بيانات محلية ودولية، لرسم صورة تقديرية عن حجم المشكلة وأبعادها، وفق ثلاثة سيناريوهات تعتمد على تقديرات لكلفة السجائر لكل مدخن يومياً.
يعتمد السيناريو الأول على سعر علبة السجائر في سورية، من النوع الرديء، مجهول المصدر في أغلبه، وهو 200 ليرة سورية، تقريباً، على اعتبار أن المدخن يستهلك وسطياً علبة سجائر واحدة، ما يعني أن المدخنين في سورية يدفعون نحو 390 مليون ليرة سورية مع صباح كل يوم ثمن سجائر، في الحد الأدنى، ومن ثم نحو 142.4 مليار ليرة سورية في العام (2016).
في العام نفسه، بلغت قيمة مستوردات التبغ ومصنوعاته نحو 8.1 مليارات ليرة، على حين أنتجت المؤسسة العامة للتبغ بنحو 33.4 مليار ليرة، أي بإجمالي 41.5 مليار ليرة، هو قيمة التبوغ المصنّعة محلياً والمستوردة بشكل نظامي، ما يعني أن قيمة الدخان الموجود بطرق غير نظامية (تهريب) تعدت 100.9 مليار ليرة، فوتت على الخزينة نحو 30.3 مليار ليرة رسوم جمركية غير محصلة (30 بالمئة نسبة الرسوم على كيلو الدخان).
أما السيناريو الثاني، الذي يبدو أقرب إلى الواقع من الأول (الحدّ الأدنى)؛ فيعتمد مبلغ 300 ليرة سورية كتكلفة للمدخن يومياً، ما يعني إنفاق المدخنين يومياً لنحو 585 مليون ليرة، ومن ثم 213.5 مليار ليرة سورية خلال العام، منها 172 مليار ليرة دخلت بطرق غير نظامية، فوتت على الخزينة رسوماً جمركية بنحو 51.6 مليار ليرة.
يمكن المبالغة قليلاً، باحتساب كلفة المدخن يومياً 400 ليرة سورية، وهذا ما يعتمده السيناريو الثالث، لنكون أمام إنفاق يومي للمدخنين بنحو 780 مليون ليرة، ما يعادل 284.7 مليار ليرة في العام، منها 243.2 مليار ليرة دخلت السوق بشكل غير نظامي، فوتت على الخزينة نحو 73 مليار ليرة رسوم جمركية.
أي إن الإنتاج المحلي والمستورد بطرق نظامية يشكل نسباً بين 14.6 إلى 29 بالمئة من سوق الدخان، والباقي (بين 71 إلى 85.4 بالمئة) للتهريب.
بالأرقام: التدخين أهمّ من الصحة!
جانب آخر من المؤشرات، يمكن طرحها، من خلال الربط بين الإنفاق على التدخين والإنفاق على الصحة، وفق السيناريوهات الثلاثة المستخدمة في المقال.
بدايةً، قدرت وزارة الصحة عبر موقعها على الإنترنت؛ نسبة الإنفاق العام على الصحة بنحو 3.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي -يبلغ نحو 5697 مليار ليرة بالأسعار الجارية بحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء عام 2016- ما يعني أن الإنفاق على الصحة يقدّر بنحو 199.4 مليار ليرة سورية (546.3 مليون ليرة يومياً)، منه أكثر من 48 بالمئة للقطاع الحكومي، وأكثر من 51 بالمئة للقطاع الخاص.
وفقاً للسيناريو الأول، أي إنفاق 142.4 مليار ثمن سجائر في العام، فإن إنفاق السوريين على التدخين يعادل 71.4 بالمئة من إنفاقهم والحكومة على الصحة، لترتفع النسبة وفق السيناريو الثاني إلى 107.1 بالمئة، وإلى 142.8 بالمئة وفق السيناريو الثالث.
ليس ذلك فقط، بل إن التدخين يكلف سنوياً نحو 28.3 مليار ليرة سورية تتضمن التكاليف المباشرة للنفقات الصحية على المدخنين إضافة إلى التكاليف غير المباشرة الناجمة عن الخسارة في الإنتاجية جراء المرض والموت المبكر.
علماً بأن نسبة لسيت بقليلة من السكان يستخدمون النرجيلة، وهي تقدم في المقاهي بشكل كثيف، وبمبالغ تختلف بحسب التصنيفات السياحية، والاستغلال والتلاعب بالأسعار من بعض المنشآت، وهذا ما لم تلحظه التقديرات، ما يعني أن الأرقام مرجّحة للازدياد.
المصدر:الوطن