هوى الشام | قبل الحرب الإرهابية على سورية.. كانت المنظومة الثقافية أكثر حذراً، وكان الضعيف يتهيب الصعود على منبر أو إرسال مادة أدبية إلى دورية أو وسيلة إعلامية خشية ردة فعل النقد التي لا تجامل .. برغم ذلك كانت تتسرب بعض المجالات وتصل بعض ( الهرطقات ) التي في النتيجة تقع في فخ السخرية والاستهزاء .. لأن موروث الثقافة بالأصل قوياً ومفعماً بالمواهب والنقاء والتنوع والقوة.
وبعد مضي فترة على انشغال المثقف بما حدث لوطنه من مؤامرات أو عزل المثقف الحقيقي بسبب وصول من ليس لهم علاقة بالأدب بعد أن استغلوا ما يدور وقدموا أنفسهم بلا رادع ثقافي أو وجداني .. انتشرت ثقافات أخرى وأصبح الخط وتداخل الأجناس الأدبية مشروعاً..
فالأجناس الأدبية معروفة تتوزع بين البحث والنقد والشعر والقصة والرواية بشكل يمتلك الأسس والمقومات لكل منها، وفجأة قفز إلى الساحة اسم جديد يدعى ( الهايكو ) وهو مصطلح يوناني أولاً ثم توزع في بعض الدول الغربية له مقوماتهم ورؤيتهم وأفكارهم .. والسؤال ماهي مقومات ( الهايكو ) العربي ومادام الجنس الأدبي هو إرث تاريخي أصيل ويندرج في مقومات شرف اللغة العربية .. فماذا نفعل بكلمة (هايكو ) ..
وكثير من ناسها صالوا ومالو على المنابر وفي بعض صفحات النت ولكن وقع الأمر هذا ما يشبه عتابا ( غوار الطوشة .. جبلنا وآه جبلنا ) ومن يخسر فقط هو تراثنا العربي، وليس هذا فحسب .. لقد اختلطت الدراسات وتداخلت بالنقد .. فمن كان يكتب عن الفخار والألمنيوم صار يكتب ويقرأ كتباً وخاصة في حفلات توقيع الكتب.. ولا يستطيع صاحبنا النقد الجديد أن يميز بين البحر الكامل والبحر ( الكاريبي ) مما شجع أصحاب السجع الذين لا يفرقون بين الشعر وبين الكلمات ذات الروي الواحد التي تخلو من كل المقومات ويظنون أن توحيد الحرف الأخير هو الشعر بعينه وزاد الكارثة ازدياد عدد النساء في هذه الحالة والأسوأ بعض قراء الرقابة لسبب أو لآخر يمررون مثل هذه الأمور .. أما دور بعض من يغطي إعلامياً لا يختلف أبداً عنهم ( فيتفصحنون ) بتسمية هؤلاء نقاداً وشعراء وغير ذلك من المسميات.
ولابد لنا أنبكي تاريخنا وزماننا إن لم تتضاعف الجهود وإحالة كل من يصرح بشيء مخالف إلى القضاء وهذا أقل ما يمكن أن نخدم به ثقافتنا وأن نفرق بين المثاقفة والغزو وبين الاستسلام وخدمة الليبرالية الأميركية الحديثة.
وأذكر بيوم كنت أحكم في مناظرة شعرية في التسعينات فقال أحدهم :
لاتسل عن المرء وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن مقتدي
وعندما صححت البيت الذي أنشده طرفة بن العبد في معلقته وهو :
عن المرء لا تسأل و أبصر قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
قامت الدنيا وتناقل المثقفون الخبر بانتشار واسع … واليوم حتى لومسخ الشعراء كلهم لاخلاف على ذلك .. المهم أن تتصور إحدى الجميلات مع الناقد الموهوب على المنبر إلى صفحات التواصل الاجتماعي.
أهيب بالمؤسسات وبدورها الخطير أن تلجأ لتشكل فعاليات سليمة، وأن لوكل أحد ما هو مطلوب منها وهذا ما يغلب على أكثر المؤسسات وعلى الوسائل الإعلامية أن لا تتورط بتوصيف الغلط وتلميعه كما هو حاصل غالبا، وعلى الرجال عدم التورط وعلى النساء ( الفرملة ) واستشارة من هو يمتلك الشرف .. فالصورة ليست مؤشراً يا صديقتي والوطن يحتاج إلى سلامة الأخلاق.
صحيفة الثورة