هوى الشام
حملات واسعة من الجدل والانتقادات شهدتها منصات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن قبلات وإيحاءات وشتائم مسلسل “شارع شيكاغو” وهو عمل يحيي الحياة في قلب شارع عريق بالعاصمة دمشق، وشهد على التغيرات السياسية والاجتماعية المهمة في بلد كثرت فيه الملاهي الليلية وأجواء الموسيقا والرقص وقصص الحب العاصفة.
وكان مشهد تقبيل الفنان مصطفى المصطفى لقدم الفنانة أمل عرفة في إحدى حلقات العمل، كفيلاً بتفجير الشارع الذي أعلن الغضب، وفي بعض الأحيان المقاطعة للعمل، وبالطبع ذلك لم يؤثر في سير العمل وصانعيه، حيث اقتربت عتبة مشاهديه من 80 مليون مشاهدة وهذا رقم قياسي قد يؤهله لدخول موسوعة “غينس”.
مخرج مسلسل “شارع شيكاغو” محمد عبد العزيز يحسم الجدل بشأن الانتقادات التي أحدثها العمل على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بينما الانتقادات كانت نفسها أثناء عرض مسلسل “باب الحارة” وما شهده من تزمت، ويقول : “إن كلاهما بشكل أو بآخر يشكل جزءاً من المجتمع، والمشكلة بالتعميم والنظرة الرومانسية المائعة للمجتمع الدمشقي، فهي مثل الكثير من المدن ذات الشرائح المتباينة وأهميتها تكمن هنا، فدمشق والمجتمع السوري لا تستطيع حصرهما بصبغة واحدة، فهناك علماء أفاضل وهناك عاهرات وأطباء وأدباء وعساكر ولصوص وشرفاء ومكونات لا حصر لها، وهنا تكمن ديناميكية وأهمية المدينة في إيجاد الفضاء أمام كل هذه الشرائح لتجد مساحتها المتاحة وتغذي بشكل غير مباشر بعضها بعضاً، وبالتالي سنكون أمام مجتمع حي نابض كما كان سابقاً ولاسيما في منتصف خمسينيات القرن الماضي.. اليوم وبسبب أمية نعرف أسبابها، الرأي العام يقف أمام المرآة ورغم التشوهات العميقة، والتي يكابدها يريد أن يرى نفسه فاضلاً بصورة مثالية لا تمت للحقيقة والواقع أبداً، وهنا يحصل الاصطدام عندما تريد عبر عمل مثل شارع شيكاغو إدارة المرآة المقعرة ليرى المجتمع المنهك بالفراغ جزءاً من صورته الحقيقية التي تتناقض مع مسلماته المزيفة”.
وفي سؤالنا حول وصول العمل إلى أعتاب 80 مليون مشاهدة وتحقيقه رقماً قياسياً من نجوم وكوادر سورية ما السر في ذلك يوضح عبد العزيز: “أنا سعيد بالخبر ولكن لا أدري حقيقة مصدره ولكنني مثل الجميع قرأته في أكثر من وسيلة، وبكل الأحوال تبين مدى حضوره الجماهيري ولاسيما أن الشهر الذي عرض فيه بالعادة يهرب منه الجميع لكونه الفترة التي تلي شهر رمضان، والناس تلقوا فيه وجبة دراما دسمة”.
أخيراً نرى أن هناك تناقضات كبيرة يعيشها المشهد الثقافي السوري والساحة الفنية ربما تكون محاولة لرسم حالة جديدة بعد حرب طويلة أنهكت قوامنا وجعلتنا نكتسي السواد الكاحل، وكان لا بد بعدها من البحث عن اللون مهما وأين كان لنرسم ملامح حياة جديدة ونلون الأيام ونطبع الجدران بلوحات من الحلم والأمل.
ويذكر أن هذا الجمهور نفسه الذي صب جام غضبه على مسلسل “باب الحارة” لاعناً الظلام والرجعية معتبراً أنه أهان وحرّف الحياة الدمشقية والمرأة السورية.
ربما نحن الآن بحاجة إلى خلق حالة توازن حقيقية وصياغة أسس تكون على مقاس الجمهور.. وهنا نقول للمخرجين ابحثوا عن جدوى حقيقة تقربكم من الناس وترضي أذواقهم، ولكن على حسب المثل الشعبي فإن “إرضاء الناس غاية لا تدرك”.
We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website. If you continue to use this site we will assume that you are happy with it.Ok