أسواق وأبواب دمشق - أميرة الكردي

خاص هوى الشام من أميرة الكردي |هنا دمشق، بأسواقها وأبوابها، كل حجر في عتيق حاراتها يشهد على رواية عشق  لا تنتهي.

ولأنها دمشق، حين تشرق الشمس تُتلى آيات النور من السماء على صدرها معلنة بدء الحياة.

حين تستيقظ دمشق ، يهتز خصر الماء ويرقص منتشياً في بردى ويتمرد شتاؤه على ضفاف ربوتها.

أسواق وأبواب دمشق ليست مجرد أكوام حجارة ومعدن، بل تاريخ يحكي قصة أقدم عاصمة في العالم مأهولة بالسكان أما أسواقها فحدّث ولا حرج، عراقة وأصالة وتجارة لمهن كانت ولا زالت محط أنظار القادمين إليها.

درمسق في اللغة الآرامية، درمسوق بلغة السريان، جلق، الفيحاء، الشآم وكثير من الأسماء حول مدينة الياسمين التي جمعت كل الثقافات والحضارات لأكثر من أربعة آلاف عام

تغنّى فيها الكثير من الشعراء، فقد كانت الملهم والحبيبة والوطن، وها هو نزار قباني ابن دمشق وعاشقها يقول :

فرشتُ فوق ثراك الطاهر الهدبا

فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا

حبيبتي أنتِ فاستلقي كأغنية

على ذراعي ولا تستوضحي السبب

أما أحمد شوقي  فقال :

سلام من صبا بردى أرق   ودمع لا يكفكف يا دمشق

وغيرهم الكثير ممن تغنوا بجمالها وشوقهم إليها وذكرياتهم في حاراتها العتيقة

جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي، أن أول حائط وضع في الأرض بعد الطوفان هو حائط دمشق وكان لسور المدينة سبعة أبواب في العهد الروماني.

* باب كيسان

* باب شرقي

* باب توما

* باب السلام

* باب الفراديس

* باب الجابية

* باب الصغير

أما السور الغربي فإن الأبواب كانت تزيد وتنقص بين الحين والآخر كلما جُدد السور فتُسد أبواب وتُفتح  أخرى مثل باب الفرج وباب النصر  بحيث لم تتجاوز العشرة أبواب.

سُميت أبواب دمشق السبعة على أسماء الشمس وكواكبها، ويوجد على قمة هذه الأبواب رسومات ونحوتات لآلهة هذه الكواكب لتحمي دمشق وساكنيها وتحرسهم ضد المعتدين والطامعين الغزاة وذلك في العصرين اليوناني والروماني.

فكوكب زحل محفور فوق باب كيسان

والشمس من نصيب باب شرقي

أما الزهرة فقد نقشت فوق باب توما

والقمر في باب السلام

عطارد على باب الفراديس

المشتري فوق باب الجابية

وأخيرًا المريخ فوق باب الصغير

“بلاد الشمس أو شمس البلاد، هكذا سمى أجدادنا سورية لأن الكواكب تسري في فلك الشام”

وها هي الكاتبة غادة السمان ماتزال أسيرة حارات دمشق إذ تقول : أعرف أنني مهما ركبت من طائرات وقطعت من محيطات ورقصت بين القارات، ما زلت أتسكع في الزقاق الشامي الذي وُلدت فيه، جيئة وذهابًا منذ طفولتي وحتى أموت.

أسواق وأبواب دمشق القديمة

أما أسواق دمشق القديمة فهي لوحة فسيفسائية تشبه سكان سورية من حيث التنوع، كما لا يمكن لزائر دمشق إلا وأن  يعرّج على أسواقها ، ليتبضع منها أو ليستمتع بما ترى عينيه من جمال وزينة وتنوع وغنى بمختلف أنواع المنتجات.

يبلغ عدد أسواق دمشق القديمة  55  سوقًا منها 25 سوقًا مغطاة، وهذه الأسواق متصل بعضها ببعض ليستطيع الزائر أن يزورها جميعاً من دون ملل.

بعض تلك الأسواق :

*سوق الحميدية : وهو أكبر أسواق دمشق، بُني على مرحلتين، الأولى في عهد السلطان عبد الحميد الأول عام 1780 والذي أُطلق اسمه على السوق.

*سوق مدحت باشا أو السوق الطويل : أنشأه مدحت باشا عام 1878

*سوق البزورية : وقسم منه سوق العطارين وفيه خان أسعد باشا وقصر العظم وحمام نور الدين.

* سوق الحرير أو سوق النسوان : أنشأه درويش باشا.

* سوق العصرونية : أُطلق عليه الاسم نسبة للمدرسة العصرونية حينها.

سوق الجمرك وسوق الصاغة وغيرها الكثير، التي لا يمكن حصرها في مقال واحد، فالورق لا يتسع لذكر حضارة، بعض من تلك الحضارة أسواقها التاريخية، وكذا الكلمات لا تفيها حقها.

أما أبواب دمشق لم تزل واقفة حتى يومنا هذا،  وهي لم تكن مجرد أقفال ومفاتيح وكواكب نُقشت فوقها، بل هي شاهد على تعاقب حضارات، لو نطقت لقالت كم من الطامعين مرّوا من هنا ورحلوا، لكنهم لم يستطيعوا يوما إغلاق تلك الأبواب إلى الأبد.

دمشق كانت ولم تزل تفتح أبوابها لكل من أحبها وشرب من مائها وكتب فيها ومنها وإليها، هي ليست مجرد قصة تُحكى، إنها قصص وروايات وأشعار عبرت  كل باب وسوق وحارة ورصيف.

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))