دمشق – هوى الشام من مها الأطرش
أنامل حاكت من الوتر لحنا صعد إلى السماء وأطرب مسامع من عرفوا أن للروح غذاء يشفي السقيم وينشر السلام ، رامي الحاج حسن فنان نخبوي يعشق الموسيقا ويترجمها على آلته الفريدة “الطنبور” التي حمل على عاتقه مسؤولية عودتها إلى تاريخ الفن السوري بعد انقراضها لسنوات.
وفي لقاء خاص لموقع هوى الشام تحدث الفنان رامي عن بداياته قائلا ” كنت مع الفن بأنواعه في سن التاسعة كفن الخط العربي الذي كان جل اهتمامي وبعدها في المرحلة الإعدادية بدأت الموسيقى تأخذ اسماعي وانتباهي وحواسي فعشقت أغاني عبدالحليم حافظ وحفظت معظم أغانيه وكانت رغبتي آنذاك التعلم على آلة العود ولكن شاءت الأقدار أن التقي بإحدى الحفلات الخاصة بعازف لآلة البزق بهرني بأدائه وقررت حينها أن أطلب منه ان يعلمني البزق وكانت بداياتي معها حيث بدأت التعلم والاستماع الى الكبير محمد عبد الكريم ومطر محمد وغيرهم.
حالف الحظ رامي ليشق طريقا في عالم الموسيقا ومر بمراحل أهمها لقائه بالفنان القدير محمد سيف الدين زين العابدين الذي أحدث فرقا في مسيرته بأن طلب منه التوجه إلى آلة الطنبور الخرساني وكانت هذه الالة غير موجودة بسوريا رغم ارتباطها بالموسيقى الشرقية الكلاسيكية وموسيقى الشرق.
ويتابع رامي “مما دفع استاذي لتصنيع آلة خاصة لي واستمرت معي سنوات إلى أن اقتنيت آلة جديدة من تركيا آنذاك وواظبت على دراسة الموسيقى النظرية الكلاسيكية وتكنيك آلة الطنبور وبعدها انتقلت للأستاذ الدكتور مراد سليم توكاج وشاركت بعدة ملتقيات في اسطنبول وتكرمت مرتين كعازف طنبور سوري وكذلك بالموسيقى النظرية وذالك في عام 2010”.
وتحتل آلة الطنبور حيزا محببا في قلب رامي إذ يقول عنها إنها “آلة الروح والسماء ” ويوضح أنه إذا عدنا إلى معناها نجد أن كلمة طنبور هي مصطلح سومري يعني لغة السماء او لغة الفلك.
وتعتير آلة الطنبور من أهم آلات التخت الشرقي القديم والحديث حيت تمتلك زندا طويلا مؤلفا من ديوانين موسيقيين كما تملك صوتا مميزا جدا فيه طابعا روحانيا صوفيا يلامس روح الانسان العليا التي تعطي الإنسان النشوة والحالة الفانتازية للتفكر والانسجام مع حالات الكون استخدمها الفيلسوف الفارابي وذكرها بكتابه الموسيقي الكبير حيث وصف صوت الطنبور بأكمل الأصوات وأكثرها تعبيرا عن وجدان النفس وفلسفة الروح “.
والموسيقا بالنسبة لرامي هي الحياة بأكملها فهي اللغة غير المنطوقة بلسان البشر و إنما بلسان الإحساس والفكر والمشاعر تخاطب الوجدان والإحساس والإنسان ومن هنا كانت الموسيقا المتنوعة من الفلسفة إلى الطرب و الفرح والبهجة والتعبير عن الحزن وما يجول داخل الإنسان كما يشير إلى إعجابه بالعازف الكبير جميل بيك الطنبوري الذي هو مؤسس علم الطنبور الحديث في بداية القرن العشرين الذي ﻻيزال يستمد منه أصول علم التقاسيم والارتجال إضافة إلى محمد عبدالكريم ومطر محمد كعازفين وعالميا الموسيقى يوكسل باكتاجير المؤلف العبقري والدكتور مراد توكاج ومراد ايدمير.
وشارك رامي في العديد من الفعاليات الموسيقية منها ملتقى البزق الرابع والخامس ومهرجان العزف المنفرد الاول بدار الاوبرا كما أقام الكثير من الحفلات الفردية بمعظم المحافظات السورية وأسس مؤخرا فرقة أرجوان التي تضم خمس عازفين مع الفنان عازف الناي ابراهيم كدر.
ويشير رامي الذي يعد أول من استرجع آلة الطنبور الى حضن سورية بعد انقراضها لعشرات السنين إلى أن دار الاوبرا بالتعاون مع وزارة الثقافة تقوم حاليا بطباعة كتابه الجديد “اسس علم المقامات الشرقية” الذي يعنى بدراسة 105مقامات.
ويتمنى رامي في ختام حديثه لـ هوى الشام أن يرتقي الفن إلى أعلى مستوياته وينهض بحضارتنا السورية إلى المستوى اللائق الذي نطمح إليه لمواجهة ومحاربة إرهاب الفكر والفن ﻻن وحسب تعبيره صراعنا الحالي صراع حضاري مضيفا إن الفن يصنع من الانسان المحبة والسلام فالموسيقى لم ولن تقتل بشرا ولن تفسد حجرا كما أن هو عبقرية الهية ترتقي بالانسان الى عنان السماء.