تداعيات تعيين أردوغان رئيس جامعة موالياً له مستمرة.. وغليان طلابي
547
هوى الشام| لم تسلم الجامعات التركية من سياسات نظام رجب طيب أردوغان التعسفية فأقدم على تعيين مقرب منه ومن حزبه الحاكم رئيساً لجامعة البوسفور ما أجج احتجاجات طلابية مستمرة منذ ثلاثة أسابيع في حركة وصفتها وسائل إعلام تركية بأنها قدمت مثالاً واضحاً على تذمر الطلبة والشباب الأتراك من سياسات أردوغان وتدخله بشؤون الجامعات.
الاحتجاجات الطلابية التركية التي اندلعت في مختلف كليات جامعة البوسفور جاءت رد فعل مباشراً على قرار أردوغان الذي عين بموجبه مليح بولو رئيساً للجامعة وهو شخص لا يتمتع بالاستقلالية المهنية والسياسية عن أردوغان حسب تعبير الطلبة ونخبة من الأساتذة الجامعيين المتخوفين من تحول هذا التعيين إلى أداة لإخضاع الجامعة الشهيرة واستخدامها كإحدى المؤسسات الرديفة لحزب أردوغان الحاكم.
صحيفة زمان التركية أعلنت عن اعتقالات بالجملة طالت الطلبة المحتجين على قرار أردوغان أحدثها اعتقال عدد من الطلاب خلال تنظيمهم مظاهرة في منطقة جوفان بارك بأنقرة اليوم للتنديد باعتقال العشرات من طلاب جامعة البوسفور الذين اعترضوا على قرار أردوغان الآنف الذكر.
وذكرت الصحيفة أنه وخلال لحظات اعتقال الطلاب في أنقرة قامت الشرطة بسحبهم على الأرض والاعتداء عليهم بالضرب وتقييدهم بالأصفاد بشكل عكسي.
رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو انتقد تعيين أردوغان شخصاً أدار عدة مهام في حزبه الحاكم وكان مرشحاً سابقاً في البرلمان عميداً لجامعة وفي تغريدة له على تويتر قال “الجامعات ليست أمكنة بلا أرواح هي إقليم للعقول التي تتغذى من الحرية”.
وبحسب وسائل إعلام تركية فإن أعضاء في هيئة التدريس بجامعة البوسفور أكدوا أن “بولو هو أول رئيس جامعة يتم اختياره من خارج الجامعة منذ الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980 ونحن لا نقبل ذلك لأنه ينتهك بوضوح الحرية الأكاديمية والاستقلالية العلمية وكذلك القيم الديمقراطية لجامعتنا”.
احتجاجات الجامعة التي ضمت الآلاف من الطلبة المعترضين على القرار واجهتها الشرطة والقوى الأمنية التركية بضراوة بشكل مباشر ما أدى إلى جرح العشرات منهم وخوفاً من امتدادها إلى باقي أنحاء مدينة إسطنبول قامت شرطة أردوغان بإغلاق المباني والمنشآت الخاصة بالجامعة ما اعتبره الطلبة بمثابة حجز وسجن فعلي لهم ومنعهم من حرية التعبير المدنية السلمية.
طلبة جامعة البوسفور وأساتذتها أكدوا أن خطوة أردوغان الأخيرة تقصدت جامعة البوسفور لأنها تعتبر من أكثر الجامعات التركية استقلالاً عن الحياة السياسية وتخرج النسبة الأكبر من النخبة في المجالات السياسية والقضائية والاقتصادية التركية لاستخدامها المعايير العالمية في الاستقلال الأكاديمي.
ووفق وسائل إعلام تركية فإن أردوغان خرق جميع تلك المعايير وجاء بشخص من خارج المجال التعليمي والإداري للجامعة وعضو سابق ومرشح بارز على قوائم حزبه الحاكم وأراد فرضه على الجامعة ليحدث بها تغييرات هيكلية لتخسر الجامعة رصانتها وقوتها المهنية وتغدو واحدة من أدوات أردوغان في محاربة خصومه السياسيين.
يشار إلى أن التقاليد السياسية التركية حافظت على استقلال الهيئات الإدارية العليا في الجامعات الحكومية عن الاستقطابات الحزبية الداخلية إلا أن أردوغان استغل الانقلاب المزعوم عام 2016 وخول نفسه سلطات تعيين وإقالة رؤساء الجامعات التركية بالضبط مثلما قام بإعادة ترتيب سلطة تعيين وإقالة كبار القضاة.
تفاعل الاحتجاجات الطلابية التركية دفعت أردوغان لتحريض حليفه السياسي رئيس حزب الحركة القومية التركية المتطرفة دولت بهجلي الذي طالب “بسحق المتظاهرين” زاعماً “بأنهم جزء من مؤامرة تستهدف تركيا عبر إثارة القلاقل لإحداث انتفاضة في البلاد”.
تصريحات بهجلي المعبرة عن موقف أردوغان رد عليها رئيس حزب الشعب التركي المعارض كمال كيليشتدار أوغلو مؤكداً أن “الحزبين الحليفين الحاكمين لن يتركا أي مؤسسة وطنية تركية باستقلالية” فيما شجب رئيس حزب ديفا علي باباجان مواقف أردوغان وقال “يجب أن تكون الجامعات مستقلة يحتاج بلدنا إلى أكاديميين وعلماء أحرار وطلاب منتجين لا يمكن تحقيق هذه الحرية والإنتاجية من خلال تعيين أعضاء من الحزب الحاكم”.
أردوغان وصف الطلبة المحتجين بالإرهابيين وفق موقع أحوال تركية وقال “الطلاب لا يشاركون في هذا العمل.. هناك إرهابيون متورطون في هذه الأعمال.. رئيس مقاطعة إسطنبول التابعة لحزب الشعب الجمهوري والتي لا علاقة لها بالطلاب موجودة هناك”.
وردت كفتانجي أوغلو في بيانها المكتوب عبر تويتر قائلة “سأستخدم جميع حقوقي القانونية على أكمل وجه بتعليمات من رئيسي.. وبكل احترام أعلن للجمهور أنني سأقدم شكوى جنائية وأقدم أيضاً دعوى تعويض” فيما أكد عضو حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول زينيل إمري عبر تويتر أيضاً.. “إذا لم يكن المتظاهرون من طلاب جامعة البوسفور فمن هو رئيس الجامعة الذي عينته.. إذا كان هذا العدد الكبير من الشباب ومعلميهم إرهابيين.. فلماذا هم بالخارج حتى اليوم”.
وفي السياق نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً توضح فيه التداخل السياسي الراهن بين الحياة الجامعية التركية والضغوط السياسية التي تتعرض لها من جانب نظام أردوغان على مدى السنوات الخمس الماضية حيث تم اعتقال أو سجن الآلاف من الأكاديميين والمحامين والصحفيين والموظفين المدنيين والعسكريين بسبب صلات مزعومة بالإرهاب والانقلاب.
وقالت الصحيفة في تقرير سابق لها أنه منذ عام 2016 احتفظ أردوغان بحق اختيار عمداء الجامعات مباشرة الذين كان تم سابقاً تعيينهم من خلال الانتخابات وتم في عهده إغلاق أكثر من 12 جامعة وجاء الاحتجاج الأخير بمثابة أمل ضئيل في أن يتمكن الطلبة من تغيير الأمور بشكل ديمقراطي وشرح ما يريدون ولكن اليوم تحلق مروحيات أردوغان في سماء المنطقة الجامعية وشرطة النظام التركي في كل مكان لقمع كل شيء.
من جانبه موقع نورديك مونيتور السويدي نشر أيضاً تقريراً شرح فيه التجاوزات التفصيلية لنظام أردوغان تجاه الجامعات التركية حيث نقل عن إرشادات مجلس التعليم العالي التركي أنه يتم اختيار العمداء من بين مجموعة من المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات بعد الانتخابات التي تجري داخل المؤسسات الأكاديمية وتم إيقاف هذه الممارسة لأول مرة بعد الانقلاب العسكري في عام 1980 في تركيا ثم أعيدت في التسعينيات قبل أن يتم تعليقها مرة أخرى بموجب حالة الطوارئ بعد الانقلاب المزعوم عام 2016 حيث عين أردوغان محمد أوزكان برئاسة جامعة بوغازيجي وقوبلت هذه الخطوة أيضاً باحتجاج في ذلك الوقت لكن أعضاء هيئة التدريس قالوا إن أوزكان كان نائب رئيس الجامعة بينما تم التعيين الحالي لبولو من خارج إدارة جامعة البوسفور.
We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website. If you continue to use this site we will assume that you are happy with it.Ok