دمشق – هوى الشام من بثينة البلخي
يمكن القول إن الصدفة التي بنيت عليها حكاية مسلسل جريمة شغف أوحت لنا بقصة أعمق وأجمل وأكثر صدقا مما شاهدناه على امتداد الشهر الكريم.
ساعات من الملل والاستعراض الفيديو كليبي، ومحاولات دمج السينما بالدراما التلفزيونية، أفضت إلى إفراغ الحكاية من مضمونها، وزجت بالصدفة الذكية في أتون التبلد الإخراجي والضعف الأدائي للممثلين حتى أولئك الذين طالما عهدنا منهم تميز الأداء.
بدأت حكاية المسلسل مع جريمة تتهم فيها جمانة (نادين الراسي) بقتل زوجها بعد أن قفز الشاب أوس (قصي خولي) إلى شقتها من الطابق العلوي حيث الشقة التي كان يواعد فيها صديقته المتزوجة بعد قدوم زوجها، ووجدنا أنفسنا أمام محاولة اكتشاف القاتل الحقيقي أهو أوس أم جمانة أم أن الزوج انتحر كما أفادت جمانة مرارا، والتي ظلت تتجنب ذكر حادثة قفز أوس إلى منزلها، فيما كان يفترض أن يفعل عنصر التشويق في المسلسل.
كما هو واضح الصدفة ذكية ولا مبالغة فيها، لكن المبالغة وجدت طريقها إلى العمل عبر مظاهر كثيرة، أبرزها؛ حوالي خمس أو ست حلقات قضاهن أوس باكيا متباكيا على حاله التي وصل لها بعد أن هرب من بيروت إلى القاهرة وترك خلفه جريمة لا يعي تفاصيلها، وعبر المغالطة التي وقع فيها العمل حينما وصل الحال بأوس إلى العمل كممثل وهو الهارب من وجه العدالة، بل وأكثر من ذلك الصدفة التي أصبح بموجبها ممثلاً، حين اختارته المخرجة شيرين (نجلاء بدر) ليكون بطل فيلمها وهي التي لم تره يوما، وكل ذلك في سبيل الوصول إلى قصة حب خارقة بينهما.
لا ندري لماذا عمد المخرج إلى المبالغة في استخدام اللقطات السينمائية بل والمسرحية أحياناً كما حدث في أغلب مشاهد السجن التي جمعت جمانة بسجينة تعاني عقدا نفسية تعبر عنها بحوارات بدت أشبه بقطع نثرية هاربة من أحد نصوص شكسبير المعقدة، ولكن بتوظيف ضعيف، وفي المكان غير الصحيح (التلفزيون، وضمن مسلسل رمضاني).
الضعف أيضا بدا جليا في الحوارات بين الشخصيات المغرقة طوال الوقت في إظهار جمالها ومفاتنها على حساب الأداء، وهذا ما جعل العمل بعيدا في مفاصل كثيرة عن الواقعية، رغم أنه يقدم قصة عادية تحدث كثيرا ومع أي كان.
إن نجوما بمستوى قصي خولي أمل عرفة ومنى واصف كان من الممكن أن يقدموا لنا أداء يفوق ما شاهدناه بأضعاف مضاعفة، فيما لو غيرنا عوامل كثيرة في العمل، أبرزها الإخراج، والدليل على ذلك بعض المشاهد التي قدمها هؤلاء النجوم فأظهرت كمية الصدق الذي يحملونه داخلهم وهم يؤدون مهنتهم التي يحبون.
ببساطة لا بد من القول: إن السيناريو أخفق في بلورة الصدفة الذكية، وأصابت الإطالات المجانية منها مقتلا، ومع محاولات المخرج وليد ناصيف لخلق خلق خط إخراجي خاص يميز به نفسه عن سواه من زملائه، وقع العمل فريسة المبالغة، فخرج بنتيجة هي أشبه بملكة جمال يبهرك النظر إليها للوهلة الأولى، ثم لا تلبث أن تتخبط بالملل وأنت تكتشف جمالها الاصطناعي المفرغ من أي مضمون، ليفتقد مسلسل جريمة شغف العامل الأهم لأي عمل درامي وهو الإمساك بتلابيب شغف المشاهد.