دمشق – هوى الشام من رامه الشويكي
لاشك أن دخول التكنولوجيا بأشكالها المتنوعة إلى حياتنا واستخدامها من قبل أفراد الأسرة جعل مشهد العائلة مجتمعة تحت سقف واحد في غرفة المعيشة وكل فرد من أفرادها يحدق في جهازه الذكي صورة معتادة في يومنا هذا ولكن هل تساءلنا ما تأثيرذلك على علاقة كل فرد بآخر في هذه الأسرة وما أضرارها على الأولاد ؟
فقدان الثقة بين الزوجين وازدياد حالات الطلاق
قد يستغرب البعض هذا القول فالزوجين يتشاركان الحياة في منزل واحد ، لكن هل لازالت علاقتهما عما كانت عليه من قبل ؟ ام تغيرت مع استخدامهما وسائل التكنولوجيا الحديثة بدءاً من المحمول إلى الجهاز اللوحي و الكمبيوتر وغيرها ؟ كل المشاهدات التي نعيشها اليوم تدل على ان الجواب باختصار لا…
فبدل أن يتبادل الزوجان الأحاديث المختلفة حول المواضيع الاجتماعية والحياتية المتعلقة بتدبيرشؤون المنزل والأولاد وغيرها أصبح كل منهما منعزل عن الآخر، منشغل بدردشاته على مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة آخر المستجدات على صفحته على فيس بوك على سبيل المثال .
بل كوَن كل منهما عالمه الخاص بعيداً عن الآخر همه أولا تصفح الانترنت من وقت لآخر، فاستبدلت الحوارات بين الزوجين بحوارات افتراضية في العالم الوهمي الذي يعيشه كل منهما مع أصدقاء افتراضيين ففقدت النقاشات الزوجية طعمها الساحر الذي كانت عليه قبل استخدام تلك الأجهزة.
ومما زاد الطين بلة اعتياد أحد الزوجين أو كلاهما على ممارسة الألعاب التفاعلية على محموله الخاص فيمضي ساعات طويلة محاولاً تخطي المراحل الصعبة في هذه اللعبة ما أدى إلى إهمال الطرف الآخر عاطفياً و اجتماعياً متناسياً واجباته الأسرية نحوه.
وتقلصت إلى حدٍ كبير النزهات العائلية والزيارات الاجتماعية التي يتبادلانها مع الأصدقاء والأقارب ،واستبدلت بعض كلمات الحب في مناسبات مختلفة برموزوعبارات جاهزة توفرها وسائل التكنولوجيا الحديثة ..
إضافة إلى المشكلات والخلافات الزوجية التي أفرزها استخدام تلك الوسائل فقد زادت حالات الطلاق مؤخراً بشكل ملحوظ وكان أولى أسبابها مواقع التواصل الاجتماعي ، فشعر أحد الشريكين بالشك والخيانة في كثير من الحالات ، مما أدى إلى فقدان الثقة بالطرف الآخر و الطلاق في النهاية.
اتساع الهوة بين الأهل والأولاد
انشغال أحد الأبوين أو كلاهما عن الأولاد سيؤدي حتماً إلى ضعف العلاقة فيما بينهم ، فإضاعة الوقت في استخدام تلك الوسائل يبعدهما عن الأولاد ، فلا يلعبان مع الصغارمنهم ولا يمنحونهم العاطفة والحنان .
فتمضية أوقات عائلية دافئة تساعد الأب والأم على تعرف مشكلات أولادهم الدراسية والاجتماعية والنفسية وغيرها ، وعدم الاستماع إليهم يقلص الدور الذي يلعبانه في بناء شخصياتهم وتربيتهم وتوجيههم توجيهاً صحيحاً و مساعدتهم على حل مشكلاتهم مهما كانت بسيطة.
فقد أصبح هناك مسافة بين الوالدين من جهة والأولاد من جهة أخرى، ولا يخفى على أحد خطورة ذلك من الناحية التربوية خاصة ً في مرحلتي الطفولة التي تتكون فيها شخصية الطفل والمراهقة التي يعيش فيها المراهق تغيرات جسدية ونفسية تجعله بحاجة أكبر إلى والديه .
والعكس صحيح أي أن استخدام الأولاد لتلك الأجهزة و تصفحهم الانترنت لوقت طويل جاء على حساب دروسهم في كثير من الحالات . كما جعلهم منشغلين عن أسرهم إلى درجة كبيرة فهم لايتبادلون الأحاديث معهم ولا يتشاركون الحلول لمشكلة قد تعترض أحدهم.
مما سبب لهم العزلة والإنطواء عن محيطهم الاجتماعي والذي تمثله الأسرة بالدرجة الأولى ، فهم يعيشون في عالمهم الخاص ، يجلسون مع والديهم و يسافرون بعيداً بتفكيرهم مما يؤدي بهم أحياناً إلى (إدمان الانترنت) الذي يجعلهم في النهاية منفصلين عن الواقع بعيدين عن الأسرة والحياة الاجتماعية.
حيث حلت تلك الأجهزة وما فيها من ألعاب وفيديوهات و تواصل وهمي مع الآخر مكان الأحاديث مع الوالدين حول الموضوعات المختلفة.
وبدل أن يمضي الطفل وقته في اللعب مع أخيه على سبيل المثال أصبح يبتعد عنه أكثر فأكثر فالأولاد من جميع الأعمار يستخدمون تلك الأجهزة للعب أو التصفح أو الاستماع للأغاني وغير ذلك.
وبذلك يؤدي الاستخدام المفرط وغير المنظم لوسائل التكنولوجيا الحديثة إلى تفكك العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، فيتوجب على كل فرد من أفراد الأسرة أن ينظم وقته تنظيماً جيداً ويحدد وقتاً معيناً لاستخدامها ، وهذا التنظيم مطلوب في يومنا هذا أكثرمن اي وقت مضى حتى لايكون الفرد تابعاً لها بشكل أو بآخر فالتكنولوجيا وجدت لنتحكم بها وليس العكس.
إضافة إلى مسؤولية الأهل تجاه الأولاد وتمضية أكبر وقت ممكن معهم، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية التي تقلل من استخدامهم لتلك الأجهزة وخير سبيل لتحقيق ذلك أن يبدأ الأب والأم بأنفسهما فهما أولاً أخيراً القدوة الأولى لأولادهم منذ الصغر .