ليس هناك شيء أجمل وأروع في الحياة، من البساطة، التي لا تعني حصرها فقط، في طريقة ملبسنا ومأكلنا، إنما تتعداها لسلوكياتنا، وتصرفاتنا مع ذواتنا، ومع من حولنا، وأيضا الأشياء المحيطة بنا كالأثاث المنزلي، فهي تساعدنا على التخفيف من الأحمال الثقيلة، والقلق الذي يغلفنا، وكفكرة مبسطة، تعني التخلص من عبء التملك.
الكاتبة الفرنسية دومنيك لورو Dominique Loreau، اختزلت البساطة في حياتنا بقواعد رائعة، في كتابها فن البساطة، حيث تعتمد مبدأ أساسياً، مفاده أن التخلص مما يزيد عن حاجتنا، ويعقد أمورنا هو في حقيقة الأمر؛ غنى وثراء لأنفسنا.
تدعونا الكاتبة لورو للاكتفاء بالقليل من الأشياء، وتقليل استهلاك ما يزيد عن حاجتنا، فنحن كثيراً ما نستخدم الأشياء لأننا نمتلكها، وليس لأنها ضرورية لنا، فقد اشتريناها لأننا رأيناها عند الآخرين، وليس لحاجتنا لها.
وتسأل الكاتبة الفرنسية، عن قيمة المنفضة كبيرة الحجم، والثقيلة من أجل سيجارة، ألا يسرق حجمها من مساحة الطاولة؟، وهنا لا يجب أن نستهين بالملليمترات الضائعة، المثقلة بأشياء تقضم من فضاء البيت، فالإحساس بفراغ المكان حسب لورو يمنح الساكن شعوراً أنّه سيّد البيت، لذا يجب تبسيط أسلوب أثاثنا المنزلي، والتخلص من الحشو عديم الفائدة، لأن ذلك يثقل النفس ويتعبها.
وتدعو صاحبة كتاب فن البساطة، إلى التخلص مما يقلقنا ويؤرقنا من الأفكار السلبية، والتحرر منها، لأنها تشكل عبئاً ثقيلاً على أنفسنا، ويكون ذلك عبر تدريب تفكيرنا، على رؤية ما هو إيجابي وجميل، وألا نركز على مشاكلنا، إنما على الحلول، ومواجهتها باستراتيجية فاعلة.
وتلح الكاتبة على ضرورة نسيان الأسى، لأنّه يرخي بظلاله السوداء على المتبقّي من العمر، ويعكر صفو اللحظة التي نحن فيها، وتروي كيف أنّ بعض الناس في لحظة حزن مثلاً، يميلون إلى مشاهدة أفلام تؤجّج أحزانهم، بدلاً من أخرى تريح أعصابهم، فيقدمون لأرواحهم عن غير وعي منهم طبقاً مسموماً.
علينا كما تقول الكاتبة الفرنسية، معرفة مصدر مشاكلنا، هل هي مالية أم أسرية أم اجتماعية؟ وتدوين السبب، وقد لا يكون الأخير شيئاً واحداً بل عدة أشياء مجتمعة.
وبدون معرفة السبب لا يمكن التخلص من ضغط الحياة، وتعقيداتها، وبعد كتابة الأمور التي تسبب لنا الضيق، علينا التعرّف على أشياء نستطيع التخلص منها، ورغم وجود قضايا خارجة عن إرادتنا، لا يمكن أن نتخلص منها، لكن يمكننا أن نغير طريقتنا في التعامل معها.