كتلة الجسم

هوى الشام|    منذ مدة بعيدة، ويعتبر مؤشر كتلة الجسم الذي يعرف اختصارا بالأحرف “بي إم آي- BMI”، أداة تقييم صحية قياسية في معظم مرافق الرعاية الصحية.

وعلى الرغم من أنه استخدم لعقود من الزمن كمقياس أساسي للصحة بناء على حجم الإنسان، فقد تعرض للانتقاد على نطاق واسع بسبب تبسيطه المفرط لما تعنيه الصحة حقا، بحسب تقرير لموقع “هيلث لاين”.

في الواقع، يزعم الكثيرون أن مؤشر كتلة الجسم أداة قديمة وغير دقيقة ولا ينبغي استخدامه في الإعدادات الطبية واللياقة البدنية.

لكن ما هو أصلا مؤشر كتلة الجسم، وتاريخه، وهل يعد بالفعل مؤشرا دقيقا للصحة، وما أبرز البدائل المتاحة له.

ما هو مؤشر كتلة الجسم؟
تم تطويره في عام 1832 من قبل عالم رياضيات بلجيكي يدعى لامبرت أدولف جاك كويتيليت. ابتكره لتقدير درجة زيادة الوزن والسمنة بسرعة في مجموعة سكانية معينة لمساعدة الحكومات في تحديد مكان تخصيص الموارد الصحية والمالية.

ومن المثير للاهتمام، أن كويتيليت قال إن مؤشر كتلة الجسم لم يكن مفيدا في دراسة الأفراد بل لإعطاء لمحة سريعة عن الصحة العامة للسكان. ومع ذلك، يستخدم على نطاق واسع لقياس صحة الفرد.

يعتمد مقياس مؤشر كتلة الجسم على صيغة رياضية تحدد ما إذا كان الشخص يتمتع بوزن “صحي” عن طريق قسمة وزنه بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر.

أي أن مؤشر كتلة الجسم = الوزن (كجم) / الارتفاع (مربع الطول بالمتر).

وبدلا من ذلك، يمكن حساب مؤشر كتلة الجسم بقسمة الوزن بالرطل على الطول بالبوصة المربعة مضروبة في 703.

أي أن مؤشر كتلة الجسم = {الوزن (رطل) / الارتفاع (مربع الطول بالبوصة)} × 703

يمكن أيضا استخدام آلة حاسبة لمؤشر كتلة الجسم عبر الإنترنت، مثل تلك التي توفرها المصادر الموثوقة للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.

بمجرد حساب مؤشر كتلة الجسم، تتم مقارنته بالمقياس الخاص به لتحديد ما إذا كان الشخص تقع ضمن نطاق الوزن “الطبيعي”. وفقا لهذا الحساب، قد يقترح مقدم الرعاية الصحية تغييرات في الصحة ونمط الحياة إذا لم يندرج الشخص ضمن فئة الوزن “الطبيعي”.

اعتمدت بعض البلدان مقياس مؤشر كتلة الجسم هذا لتمثيل حجم ومكانة سكانها بشكل أفضل. على سبيل المثال، تبين أن الرجال والنساء الآسيويين أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب عند انخفاض مؤشر كتلة الجسم، مقارنة بغير الآسيويين.

على الرغم من أن هذا يمكن أن يمنح مقدم الرعاية الصحية لمحة سريعة عن صحة الشخص بناء على وزنه، إلا أنه لا يأخذ في الاعتبار عوامل أخرى، مثل العمر والجنس والعرق والوراثة وكتلة الدهون وكتلة العضلات وكثافة العظام.

هل يعتبر مؤشرا جيدا للصحة؟
رغم المخاوف من أن مؤشر كتلة الجسم لا يحدد بدقة ما إذا كان الشخص يتمتع بصحة جيدة، فإن معظم الدراسات تظهر أن خطر إصابة الشخص بأمراض مزمنة والوفاة المبكرة يزيد مع مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 “نقص الوزن” أو أعلى من 30 “السمنة”.

على سبيل المثال، وجدت دراسة بأثر رجعي أجريت عام 2017 على 103 آلاف حالة وفاة، أن أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر لديهم خطر أكبر للوفاة يتراوح بين 1.5 إلى 2.7 مرة بعد 30 عاما من بلوغ هذا المعدل.

وأظهرت دراسة أخرى أن أولئك الذين في فئة السمنة بالمؤشر لديهم خطر متزايد بنسبة 20% للوفاة من جميع الأسباب وأمراض القلب، مقارنة مع أولئك في فئة “الطبيعي” بمؤشر كتلة الجسم “الطبيعي”.

وجد الباحثون أيضا أن أولئك الذين كانوا إما في فئة “نقص الوزن” أو “السمنة” و”السمنة المفرطة” ماتوا في المتوسط ​​قبل 6.7 سنة و3.7 سنة على التوالي، مقارنة بأولئك في الفئة الطبيعي بالمؤشر.

أظهرت دراسات أخرى أن مؤشر كتلة الجسم الذي يزيد على 30 يبدأ في زيادة خطر تعرض المرء لمشاكل صحية مزمنة بشكل كبير، مثل مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وصعوبات التنفس، وأمراض الكلى، ومرض الكبد الدهني غير الكحولي، ومشاكل التنقل.

نظرًا لمعظم الأبحاث التي تُظهر زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة بين الأشخاص المصابين بالسمنة، يمكن للعديد من المهنيين الصحيين استخدام مؤشر كتلة الجسم كأداة لإعطاء نظرة عامة عن المخاطر التي يتعرض لها الشخص. ومع ذلك، لا ينبغي أن تكون أداة التشخيص الوحيدة المستخدمة.

سلبيات مؤشر كتلة الجسم
على الرغم من ربط البحث بين انخفاض مؤشر كتلة الجسم (أقل من 18.5) وارتفاعه (30 أو أكثر) مع زيادة المخاطر الصحية، إلا أن هناك العديد من العيوب في استخدامه.

لا يعتبر بالعوامل الصحية الأخرى
يجيب مؤشر كتلة الجسم فقط بـ”نعم” أو “لا” في ما يتعلق بما إذا كان الشخص يتمتع بوزن “طبيعي” دون أي سياق يتعلق بالسن أو الجنس أو الوراثة أو نمط الحياة أو التاريخ الطبي أو عوامل أخرى.

الاعتماد فقط على مؤشر كتلة الجسم قد يغيب عن قياسات مهمة أخرى للصحة، مثل الكوليسترول، وسكر الدم، ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومستويات الالتهاب، والإفراط في تقدير أو التقليل من صحة الشخص الحقيقية.

علاوة على ذلك، ورغم اختلاف تكوين الجسم بين الرجال والنساء – حيث يمتلك الرجال كتلة عضلية أكبر وكتلة دهون أقل من النساء – يستخدم مؤشر كتلة الجسم نفس الحساب لكلا المجموعتين.

يفترض أن كل الوزن متساوي
على الرغم من أن رطلا واحدا أو كيلوغراما واحدا من العضلات يزن رطلا واحدا أو كيلوجراما واحدا من الدهون، إلا أن العضلات أكثر كثافة وتشغل مساحة أقل. نتيجة لذلك، قد يكون الشخص نحيفا جدا ولكن لديه كتلة عضلية عالية، مما يجعله أثقل على الميزان.

على سبيل المثال، شخص يبلغ وزنه 200 رطل (97 كجم) ويبلغ طوله 5’9 بوصة (175 سم) لديه مؤشر كتلة جسم يبلغ 29.5، يعني ذلك أن سيصنف باعتباره “يعاني من زيادة الوزن”.

لا يأخذ في الاعتبار توزيع الدهون
رغم أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع يرتبط بنتائج صحية سيئة، إلا أن موقع الدهون في الجسم قد يحدث فرقا أكبر.

أولئك الذين لديهم دهون مخزنة حول منطقة المعدة – المعروفة باسم أندرويد أو أنواع أجسام على شكل تفاحة – لديهم مخاطر أكبر للإصابة بأمراض مزمنة أكثر من أولئك الذين لديهم دهون مخزنة في الوركين والأرداف والفخذين – والمعروفين باسم أنواع الجسم على شكل كمثرى أو جينويد.

على سبيل المثال، في مراجعة لـ 72 دراسة، وجد الباحثون أن أولئك الذين لديهم توزيع دهون على شكل تفاحة لديهم مخاطر وفيات أعلى بكثير لجميع الأسباب، في حين أن أولئك الذين لديهم توزيع دهون على شكل كمثرى لديهم مخاطر أقل.

في الواقع، أوضح المؤلفون أن مؤشر كتلة الجسم لا يأخذ في الاعتبار مكان تخزين الدهون في الجسم، مما قد يصنف الشخص بشكل خاطئ على أنه غير صحي أو معرض لخطر الإصابة بالأمراض.

المصدر: سبوتنيك

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))